٢٤
ثوابها عز وجل كقوله عز وجل " فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره " [ الزلزلة٧ ] يعني يرى ثوابه
قرأ نافع " مثقال " بضم اللام
وقرأ الباقون بالنصب
فمن قرأه بالضم جعله اسم يكن
ومن قرأ بالنصب جعله خبرا والاسم فيه مضمر ومعناه إن تكن صغيرة قدر مثقال حبة
وإنما قال " إن تك " بلفظ التأنيث لأن المثقال أضيف إلى الحبة فكان المعنى للحبة
وقيل أراد به الخطيئة
ومن قرأ بالضم جعله اسم تكن
ثم قال " إن الله لطيف خبير " يعني " لطيف " باستخراج تلك الحبة " خبير " بمكانها
وقال أهل اللغة اللطيف في اللغة يعبر به عن أشياء
يقال للشيء الرقيق وللشيء الحسن لطيف
وللشيء الصغير لطيف
ويقال للمشفق لطيف
ثم قال عز وجل " يا بني أقم الصلاة " يعني أتم الصلاة " وأمر بالمعروف " يعني التوحيد
ويقال أظهر العدل " وانه عن المنكر " وهو كل ما لا يعرف في شريعة ولا سنة ولا معروف في العقل
ثم قال " واصبر على ما أصابك " يعني إذا أمرت بالمعروف أو نهيت عن المنكر فأصابك من ذلك ذل أو هوان أو شدة فاصبر على ذلك ف " إن ذلك من عزم الأمور " يعني من حق الأمور
ويقال من واجب الأمور
وصارت هذه الآية بيانا لهذه الأمة وإذنا لهم أن من أمر بالمعروف ونهى عن المنكر ينبغي أن يصبر على ما يصيبه في ذلك إذا كان أمره ونهيه لوجه الله عز وجل لأنه قد أصابه ذلك في ذات الله عز وجل
ثم قال تعالى " ولا تصعر خدك للناس " قرأ ابن كثير وابن عامر وعاصم " ولا تصعر " بالتشديد بغير ألف وقرأ الباقون " ولا تصاعر " بالألف والتخفيف وهما لغتان ومعناهما واحد
يقال صعر خده وصاعره ومعناهما الإعراض على جهة الكبر
يعني لا تعرض بوجهك عن الناس متكبرا
وقال مقاتل لا تعرض وجهك عن فقراء المسلمين وهكذا قال الكلبي
وقال العتبي أصله الميل ويقال رجل أصعر إذا كان به داء فيميل رأسه وعنقه من ذلك إلى أحد الجانبين
ويقال معناه لا تكلم أحدا وأنت معرض عنه فإن ذلك من الجفاء والإذاء
ثم قال " ولا تمش في الأرض مرحا " يعني لا تمشي بالخيلاء والمرح والبطر والأشر كله واحد وهو أن يعظم نفسه في النعم " إن الله لا يحب كل مختال فخور " يعني مختالا في مشيته فخورا في نعم الله عز وجل
ثم قال عز وجل " واقصد في مشيك " يعني تواضع لله تعالى في المشي ولا تختل في مشيتك
ويقال أسرع في مشيك لأن الإبطاء في المشي يكون من الخيلاء
" واغضض من صوتك " يعني اخفض كلامك
و " من " صلة في الكلام اخفض كلامك ولا تكن سفيها
ثم ضرب للصوت الرفيع مثلا فقال " إن أنكر الأصوات " يعني أقبح الأصوات " لصوت الحمير " لشدة أصواتها
وإنما ذكر صوت الحمير لأن صوت الحمار كان هو


الصفحة التالية
Icon