٢٤٩
يصدون ) يعني يعرضون عن ذكره
ويقال لما قالت النصارى إن عيسى ابن الله " إذا قومك منه يصدون " قرأ ابن عامر والكسائي ونافع " يصدون " بضم الصاد والباقون ( يصدون ) بكسر الصاد
فمن قرأ بالضم فمعناه يعرضون ومن قرأ بالكسر فمعناه يضجون ويرفعون أصواتهم تعجبا وذلك أنهم قالوا لما جاز أن يكون عيسى ابن الله جاز أن تكون الملائكة بناته فعارضوه بذلك يعني أهل مكة ورفعوا أصواتهم بذلك
ويقال إن عبد الله بن الزبعرى قال للنبي ﷺ ما ذكرنا في سورة الأنبياء ففرح المشركون بذلك ورفعوا أصواتهم تعجبا من قوله " وقالوا أآلهتنا خير أم هو " يعني أم عيسى فإذا جاز أن يكون هو ولدا جاز أن تكون الأصنام والملائكة كذلك
ويقال فإذا جاز أن يكون هو في النار جاز أن تكون الأصنام معه في النار
قوله " وما ضربوه لك إلا جدلا " يعني ما عارضوك بهذه المعارضة إلا جدلا بالباطل " بل هم قوم خصمون " يعني يجادلون شديد المجادلة بالباطل
قوله تعالى " إن هو إلا عبد أنعمنا عليه " أي ما كان عيسى إلا عبدا لله أنعم الله تعالى عليه بالنبوة وأكرمه بها " وجعلناه مثلا لبني إسرائيل " يعني عبرة لبني إسرائيل ليعتبروا به حين ولد من غير أب
ثم قال " ولو نشاء لجعلنا منكم ملائكة في الأرض " يعني لو شاء الله لجعل مكانكم في الأرض ملائكة " يخلفون " فكانوا خلفا منكم
ثم رجع إلى صفة عيسى عليه السلام فقال " وإنه لعلم للساعة " يعني نزول عيسى علامة لقيام الساعة ويقال نزول عيسى آية للناس
وروى وكيع عن سفيان عن عاصم عن أبي رزين عن أبي يحيى عن ابن عباس في قوله " وإنه لعلم للساعة " قال خروج عيسى ابن مريم
وروى معمر عن قتادة قال نزول عيسى
وروى عبادة عن حميد عن أبي هريرة قال لا تقوم الساعة حتى يرى عيسى عليه السلام في الأرض إماما مقسطا وكنت أرجو ألا أموت حتى آكل مع عيسى عليه السلام على مائدة فمن لقيه منكم فليقرئه مني السلام قرأ بعضهم " وإنه لعلم للساعة " بنصب العين واللام وقراءة العام " لعلم " بالكسر وقال القتبي من قرأ " وإنه لعلم للساعة " بأسر العين أي بنزول المسيح يعلم أنه قد قربت الساعة
ومن قرأ ( وإنه لعلم ) بنصب العين واللام فإنه بمعنى الدليل والعلامة
قوله تعالى " فلا تمترن بها " يعني لا تشكن في القيامة والبعث " واتبعوني " يعني أطيعونني " هذا صراط مستقيم " يعني هذا التوحيد صراط مستقيم " ولا يصدنكم الشيطان "


الصفحة التالية
Icon