٢٨٢
كفروا ) يعني ذلك الإبطال بأن الذين كفروا " اتبعوا الباطل " يعني اختاروا الشرك وثبتوا عليه ولم يرغبوا في الإسلام
ويقال معناه لأنهم اختاروا الباطل على الحق واتباع الهوى على اتباع رضى الله سبحانه وتعالى " وأن الذين آمنوا " وهم أصحاب محمد ﷺ " اتبعوا الحق من ربهم " يعني اتبعوا القرآن وعملوا به
ويقال معناه اختاروا الإيمان على الكفر واتباع القرآن واتباع رضى الله تعالى على اتباع الهوى
قوله " كذلك يضرب الله للناس أمثالهم " يعني هكذا يبين الله صفة أعمالهم
سورة محمد ٤ - ٦
ثم حرض المؤمنين على القتال فقال " فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب " يعني اضربوا الرقاب صار نصبا بالأمر ومعناه اضربوا الأعناق ضربا
وروى وكيع عن المسعودي عن القاسم بن عبد الرحمن عن النبي ﷺ أنه قال ( إني لم أبعث لأعذب بعذاب الله وإنما بعثت بضرب الرقاب وشد الوثاق ) " حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق " يعني حتى إذا قهرتموهم وأسرتموهم فشدوا الوثاق يعني فاستوثقوا أيديهم من خلفهم
ويقال الإثخان أن يعطوا أيديهم ويستسلموا
وقال الزجاج " حتى أثخنتموهم " يعني أكثرتم فيهم القتل والأسر بعد المبالغة في القتل
وقال مقاتل " حتى إذا أثخنتموهم " بالسيف فظفرتم عليهم " فشدوا الوثاق " يعني الأسر
" فإما منا بعد " يعني عتقا بعد الأسر بغير فداء " وإما فداء " يعني يفادي نفسه بماله
وروي عن إبراهيم النخعي أنه قال الإمام بالخيار في الأسرى إن شاء فادى وإن شاء قتل وإن شاء استرق
وروي عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه قال لا أفادي وإن طلبوا بمدين من ذهب وذكر عنه أيضا أنه كتب إليه في أسير التمسوا منه الفداء فقال اقتلوه لأن أقتل رجلا من المشركين أحي إلي من كذا وكذا
قال أبو الليث رحمه الله وقد كره بعض الناس قتل الأسير واحتج بظاهر هذه الآية " فإما منا بعد وإما فداء " وقال أصحابنا لا بأس بقتله بالخبر الذي روي عن أبي بكر رضي الله عنه
وروي عن ابن جريج وغيره من أهل التفسير أن هذه الآية منسوخة بقوله " فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم " [ التوبة ٥ ] وقد قتل النبي ﷺ يوم فتح مكة ابن خطل بعدما وقع في منعة المسلمين فهو كالأسير
وأما الفداء فإن فادوا بأسير من المسلمين فلا بأس به كما قال إبراهيم النخعي إن شاء فادى بالأسير وإن أراد أن يفتدى بمال لا يجوز إلا عند الضرورة