٣٠٣
المسجد الحرام ) أن تطوفوا به " والهدي معكوفا " يعني محبوسا
يقال عكفه عن كذا أي حبسه ومنه العاكف في المسجد لأنه حبس نفسه يعني صيروا الهدي محبوسا عن دخول مكة وهي سبعون بدنة
ويقال مائة بدنة
" أن يبلغ محله " يعني منحره ومنحره منى للحاج وعند الصفا للمعتمر
ثم قال " ولولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات " بمكة " لم تعلموهم " أنهم مؤمنون يعني لم تعرفوا المؤمنين من المشركين " أن تطؤوهم " يعني تحت أقدامكم ويقال فتضربوهم بالسيف " فتصيبكم منهم معرة " يعني فينا لكم من قتالهم إثم ويقال المعرة والتعيير واحد ويقال " فتصيبكم منهم معرة " أي تلزمكم الدية " بغير علم " يعني بغير علم منكم لهم ولا ذنب لكم
وذلك أن بعض المؤمنين كانوا مختلطين بالمشركين غير متميزين ولا معروفي الأماكن
فقال " ولولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات لم تعلموهم أن تطؤوهم " لو دخلتموها أن تقتلوهم " ليدخل الله في رحمته من يشاء " لو فعلتم فيصيبكم من قتلهم معرة أي يعيبكم ويعيركم المشركون بذلك ويقولون قتلوا أهل دينهم كما قتلونا فتلزمكم الديات
ثم قال " لو تزيلوا " أي تميزوا من المشركين " لعذبنا الذين كفروا " يقال لو تزيلوا بالسيف
وقال القتبي صار قوله " لعذبنا " جوابا لكلامين أحدهما " لولا رجال " والآخر " لو تزيلوا " يعني لو تفرقوا واعتزلوا
يعني المؤمنين من الكافرين " لعذبنا الذين كفروا " " منهم عذابا أليما " يعني شديدا وهو القتل
قوله تعالى " إذ جعل الذين كفروا " يعني أهل مكة " في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية " وذلك أنهم قالوا قتل آباءنا وإخواننا ثم أتانا يدخل علينا في منازلنا والله لا يدخل علينا فهذه الحمية التي في قلوبهم
" فأنزل الله سكينته " يعني طمأنينته " على رسوله وعلى المؤمنين " فأذهب عنهم الحمية حتى اطمأنوا وسكنوا
" وألزمهم كلمة التقوى " يعني ألهمهم كلمة لا إله إلا الله حتى قالوها " وكانوا أحق بها " يعني كانوا في علم الله تعالى أحق بهذه الكلمة من كفار مكة " وأهلها " يعني وكانوا أهل هذه الكلمة عند الله تعالى " وكان الله بكل شيء عليما " يعني عليما بمن كان أهلا للإيمان وغيره
سورة الفتح ٢٧ - ٢٨
قوله عز وجل " لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق " يعني حقق الله تعالى رؤيا رسول الله ﷺ بالوفاء والصدق وذلك أن النبي ﷺ رأى في المنام قبل الخروج إلى الحديبية أنهم يدخلون المسجد الحرام فأخبر الناس بذلك فاستبشروا
فلما صدهم المشركون قالت