٣٠٧
سورة الحجرات ٢ - ٣
فقال " يا أيها الذين آمنوا " ولم يقل يا أيها الذين عصوا وقد ذكرنا من قبل أن النداء على ست مراتب وهذا نداء مدح
قوله عز وجل " يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي " نزلت في وفد بني تميم قدموا على النبي ﷺ وهم سبعون أو ثمانون منهم الأقرع بن حابس والزبرقان بن بدر وعطارد بن الجحاف وذلك حين قالوا ائذن لشاعرنا وخطيبنا في الكلام فعلت الأصوات واللغط فنزلت الآية " لا ترفعوا أصواتكم " عند رسول الله فوق صوته ويقال نزلت في ثابت بن قيس بن شماس وكان في أذنه وقر فكان إذا تكلم رفع صوته
ثم قال " ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضهم لبعض " يعني لا تدعوه باسمه كما يدعو الرجل الرجل منكم باسمه ولكن عظموه ووقروه وقولوا يا رسول الله يا نبي الله
ثم قال " أن تحبط أعمالكم " يعني إن فعلتم ذلك فتحبط حسناتكم " وأنتم لا تشعرون " أن ذلك يحبطها وقال بعضهم من عمل كبيرة من الكبائر حبط جميع ما عمل من الحسنات واحتج بهذه الآية " أن تحبط أعمالكم " ولكن نحن نقول الكبيرة لا تبطل العمل ما لم يكفر وإنما ذكر هاهنا إبطال العمل لأن في ذلك استخفافا بالنبي صلى الله عليه وسلم
ومن قصد الاستخفاف بالنبي ﷺ كفر
ولما نزلت هذه الآية دخل ثابت بن قيس بيته وجعل يبكي ويقول أنا من أهل النار فذكر ذلك للنبي ﷺ فبعث إليه وقال ( إنك من أهل الجنة بل غيرك من أهل النار )
فقال يا رسول الله لا أتكلم بعد ذلك إلا سرا أو ما كان يشبه السر فنزل " إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله " ﷺ روى ثابت عن أنس قال لما نزل " لا ترفعوا أصواتكم " وكان ثابت بن قيس رفيع الصوت
فقال أنا الذي كنت أرفع صوتي وحبط عملي أنا من أهل النار وجلس في أهله يبكي ففقده رسول الله ﷺ فأخبروه بما قال فقال ﷺ ( بل هو من أهل الجنة )
فقال أنس لكنا نراه يمشي بين أظهرنا ونحن نعلم أنه من أهل الجنة
فلما كان يوم اليمامة فكان فينا بعض الانكشاف فجاء ثابت بن قيس وقد تحنط ولبس كفنه فقال بئس ما تعودون أقرانكم فقاتلهم حتى قتل
ثم قال " إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله " " أولئك الذين امتحن الله قلوبهم


الصفحة التالية
Icon