٣٢٧
سورة الذاريات ٣٠ - ٣٧
ثم قال عز وجل " فورب السماء والأرض " أقسم الرب بنفسه " إنه لحق " يعني ما قسمت من الرزق لكائن " مثل ما أنكم تنطقون " يعني كما تقولون لا إله إلا الله بمعنى كما أن قولكم لا إله إلا الله حق كذلك قولي سأرزقكم حق
ويقال معناه كما أن الشهادة واجبة عليكم فكذلك رزقكم واجب علي
ويقال معناه هو الذي ذكر في أمر الآيات والرزق حق يعني صدق مثل ما أنكم تنطقون
وروي عن النبي ﷺ أنه قال ( أبى ابن آدم أن يصدق ربه حتى أقسم له " فورب السماء والأرض إنه لحق " )
قرأ حمزة والكسائي وعاصم في رواية أبي بكر " مثل ما أنكم تنطقون " بضم اللام والباقون بالنصب
فمن قرأ بالضم فهو نعت للحق وصفة له
ومن قرأ بالنصب فهو على التوكيد على معنى أنه لحق حقا مثل نطقكم
قوله عز وجل " هل آتاك حديث ضيف إبراهيم المكرمين " يعني جاء جبريل مع أحد عشر ملكا عليهم السلام " المكرمين " أكرمهم الله تعالى وقال أكرمهم إبراهيم عليه السلام وأحسن عليهم القيام " إذ دخلوا عليه فقالوا سلاما " فسلموا عليه فرد عليهم السلام " قال سلام " قرأحمزة والكسائي " قال سلم " أي أمري سلم
والباقون " سلام " أي أمري " سلام " أي صلح
ثم قال " قوم منكرون " يعني أنكرهم ولم يعرفهم وقال كانوا لا يسلمون في ذلك الوقت فلما سمع منهم السلام أنكرهم
" فراغ إلى أهله " يعني عمد إلى أهله ويقال عدل ومال إلى أهله
ويقال عدل من حيث لا يعلمون لأي شيء عدل ويقال راغ فلان عنا إذا عدل عنهم من حيث لا يعلمون
" فجاء بعجل سمين " قال بعضهم كان لبن البقرة كله سمنا فلهذا كان العجل سمينا " فقربه إليهم " فلم يأكلوا " فقال ألا تأكلون " فقالوا نحن لا نأكل بغير ثمن
فقال إبراهيم كلوا واعطوا الثمن
قالوا وما ثمنه فقال إذا أكلتم فقولوا بسم الله وإذا فرغتم فقولوا الحمد لله فتعجبت الملائكة عليهم السلام لقوله فلما رآهم لا يأكلون " فأوجس منهم خيفة " يعني أظهر في نفسه خيفة
ويقال ملأ نفسهم خيفة فلما رأوه يخاف " قالوا لا تخف " منا يعني لا تخش منا " وبشروه بغلام عليم " يعني إسحاق " فأقبلت امرأته في صرة " يعني أخذت امرأته في صيحة " فصكت وجهها " يعني ضربت بيديها خديها تعجبا " وقالت عجوز عقيم " يعني عجوزا عاقرا لم تلد قط كيف يكون لها ولد فقال لها جبريل قال " كذلك قال ربك إنه " يكون لك ولد " هو الحكيم " في أمره حكم بالولد بعد الكبر " العليم " بخلقه
ويقال عليم بوقت الولادة