٣٧٤
قال الله تعالى " قل " يا محمد " إن الأولين والآخرين " يعني الأمم الخالية وهذه الأمة " لمجموعون إلى ميقات يوم معلوم " يعني في يوم القيامة يجتمعون فيه " ثم إنكم أيها الضالون " يعني المشركون " المكذبون لآكلون من شجر من زقوم " وقد ذكرناه " فمالئون منها البطون " يعني يملؤون من طلعها البطون " فشاربون عليه من الحميم " يعني على إثره يشربون من الحميم " فشاربون شرب الهيم " يعني كشرب الهيم وهي الإبل التي يصيبها داء فلا تروى من الشراب
ويقال الأرض التي أصابتها الشمس وهي أرض سهلة من الرملة
قرأ نافع وعاصم وحمزة " شرب الهيم " بضم الشين والباقون بالنصب
فمن قرأ بالضم فهو اسم
ومن قرأ بالنصب فهو المصدر
ويقال كلاهما مصدر شربت
ثم قال " هذا نزلهم يوم الدين " يعني جزاءهم يوم الجزاء
ويقال معناه هو الذي ذكرناه من الزقوم والشراب طعامهم وشرابهم يوم الحساب
سورة الواقعة ٥٧ - ٦٢
ثم قال " نحن خلقناكم " يعني خلقناكم ولم تكونوا شيئا وأنتم تعلمون " فلولا تصدقون " يعني أفلا تصدقون بالبعث وبالرسل
ثم أخبر عن صنعه ليعتبروا فقال " أفرأيتم ما تمنون " يعني ما خرج منكم من النطفة ويقع في الأرحام " أأنتم تخلقونه " يعني أنتم تخلقون منه بشرا في بطون النساء ذكرا أو أنثى " أم نحن الخالقون " يعني بل نحن نخلقه " نحن قدرنا بينكم الموت " يعني نحن قسمنا بينكم الآجال فمنكم من يموت صغيرا ومنكم من يموت شابا ومنكم من يموت شيخا
قرأ ابن كثير " نحن قدرنا " بالتخفيف وقرأ الباقون " قدرنا " بالتشديد ومعناهما واحد لأن التشديد للتكثير
ثم قال " وما نحن بمسبوقين على أن نبدل أمثالكم " يعني وما نحن بعاجزين إن أردنا أن نأتي بخلق مثلكم وأمثل منكم وأطوع لله تعالى " وننشئكم في ما لا تعلمون " يعني ونخلقكم سوى خلقكم من الصور فيما لا تعلمون من الصور مثل القردة والخنازير
ويقال وما نحن بعاجزين على أن نرد أرواحكم إلى أجسامكم بعد الموت
ثم قال عز وجل " ولقد علمتم النشأة الأولى " يعني علمتم ابتداء خلقكم إذ خلقناكم في بطون أمهاتكم ثم أنكرتم البعث " فلولا تذكرون " يعني فلولا تتعظون وتعتبرون بالخلق الأول أنه قادر على أن يبعثكم كما خلقكم أول مرة ولم تكونوا شيئا