٣٨٢
قوله عز وجل " وما لكم ألا تنفقوا في سبيل الله " يعني ما لكم لا تصدقوا ولا تنفقوا أموالكم في طاعة الله
" ولله ميراث السموات والأرض " يعني إلى الله يرجع ميراث السموات والأرض يعني لا ينفعكم ترك الإنفاق وأنت ميتون تاركون أموالكم
ويقال معناه " وما لكم ألا تنفقوا " والأموال كلها لله تعالى وهو يأمركم بالنفقة
ويقال أنفقوا مادمتم في الحياة فإنكم إن بخلتم فإن الله هو يرثكم ويرث أهل السموات
يعني أنفقوا قبل أن تفنوا وتصير كلها ميراثا لله تعالى بعد فنائكم وإنما ذكر لفظ الميراث لأن العرب تعرف ما ترك الإنسان يكون ميراثا فخاطبهم بما يعرفون فيما بينهم
ثم قال " لا يستوي منكم " يعني لا يستوي منكم في الفضل والثواب عند الله تعالى " من أنفق " ماله في طاعة الله تعالى " من قبل الفتح " يعني قاتل العدو
وفي الآية تقديم يعني من أنفق وقاتل " من قبل الفتح " يعني فتح مكة
ونزلت الآية في شأن أصحاب رسول الله ﷺ المهاجرين والأنصار يعني الذين أنفقوا أموالهم مع رسول الله ﷺ وقاتلوا الكفار لا يستوي حالهم وحال غيرهم
ويقال نزلت الآية في شأن أبي بكر رضي الله عنه كان جالسا مع نفر من أصحاب رسول الله ﷺ فوقع بينهم منازعة في شيء فنزل في تفضيل أبي بكر رضي الله عنه " لا يستوي منكم من أنفق " ماله " من قبل الفتح " يعني من قبل ظهور الإسلام " وقاتل " يعني وجاهد عدوه " أولئك أعظم درجة " يعني أبا بكر رضي الله عنه " من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا " العدو مع النبي صلى الله عليه وسلم
ويقال هذا التفضيل لجميع الصحابة
وروى سفيان عن زيد بن أسلم قال قال رسول الله ﷺ ( سيأتي قوم بعدكم يحقرون أعمالكم مع أعمالهم )
قالوا يا رسول الله نحن أفضل أم هم فقال ( لو أن أحدهم أنفق مثل أحد ذهبا ما أدرك فضل أحدكم ولا نصفه )
ففرقت هذه الآية بينكم وبين الناس ولا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل " أولئك أعظم درجة " من الذين أنفقوا من بعد
قال الفقيه حدثني الخليل بن أحمد
قال حدثنا الدبيلي
قال حدثنا عبيد الله عن سفيان عن زيد بن أسلم
ثم قال " وكلا وعد الله الحسنى " يعني وكلا الفريقين من أنفق من قبل الفتح وبعد الفتح " وعد الله الحسنى " يعني وعد الله الحسنى
قرأ ابن عامر " وكل وعد الله الحسنى " بضم اللام
والباقون بالنصب
فمن قرأ بالضم صار ضما لمضمر فيه فكأنه قال أولئك وعد الله الحسنى
ومن نصب معناه وعد الله كلا الحسنى يعني الجنة
ثم قال " والله بما تعملون خبير " يعني بما أنفقتم