٤٤٩
وقالوا إن محمدا ﷺ يشفع لنا
فبين الله تعالى أن شفاعته لا تنفع لكفار مكة كما لا تنفع شفاعة نوح لامرأته
وشفاعة لوط لامرأته
فذلك قوله " للذين كفروا امرأة نوح " واسمها واغلة " وامرأة لوط " واسمها واهلة
ويقال فيه تخويف لأزواج النبي ﷺ ليثبتن على دينه وطاعته
ثم قال " كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين " يعني نوحا ولوطا عليهما السلام " فخانتاهما " يعني خالفتاهما في الدين
وروي عن ابن عباس أنه قال ما زنت امرأة نبي قط وما كانت خيانتهما إلا في الدين
فأما امرأة نوح كانت تخبر الناس أنه مجنون وأما امرأة لوط فكانت تدل على الأضياف
وقال عكرمة الخيانة في كل شيء ليس في الزنى
" فلم يغنيا عنهما من الله شيئا " يعني لم يمنعهما صلاح زوجيهما مع كفرهما من الله شيئا يعني من عذاب الله شيئا
" وقيل " لهما في الآخرة " ادخلا النار مع الداخلين " فكذلك كفار مكة وإن كانوا أقرباء النبي ﷺ لا ينفعهم صلاح النبي صلى الله عليه وسلم
وكذلك أزواجه إذا خالفنه
ثم ضرب الله مثلا للمؤمنين فقال عز وجل " وضرب الله مثلا للذين آمنوا " يعني بين الله شبها وصفة للمؤمنين الذين آمنوا
" امرأة فرعون " فإنها كانت صالحة لم يضرها كفر فرعون فكذلك من كان مطيعا لله لا يضره شر غيره
ويقال هذا حث للمؤمنين على الصبر في الشدة يعني لا تكونوا في الصبر عند الشدة أضعف من امرأة فرعون صبرت على إيذاء فرعون
" إذ قالت رب ابن لي عندك بيتا في الجنة " وذلك أن فرعون لما علم بإيمانها فطلب منها أن ترجع فأبت ولم ترجع عن إيمانها فوتدها بأربعة أوتاد في يديها ورجليها وربطها وجعل على صدرها حجر الرحى وجعلها في الشمس
فأراها الله تعالى بيتها في الجنة ونسيت ما هي فيه من العذاب وضحكت فقالوا عند ذلك هي مجنونة تضحك وهي في العذاب
وروى أبو عثمان النهدي عن سلمان الفارسي قال كانت امرأة فرعون تعذب في الشمس فإذا ذرت أي طلعت الشمس وارتفعت أظلتها الملائكة بأجنحتها وأريت مقعدها من الجنة
وروى قتادة عن أنس عن النبي ﷺ أنه قال ( حسبك من نساء العالمين أربع مريم بنت عمران وخديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد ﷺ وآسية امرأة فرعون )
ثم قال " رب ابن لي عندك بيتا في الجنة " يعني ارزقني في الجنة
" ونجني من فرعون وعمله " يعني من عذاب فرعون وظلمه
" ونجني من القوم الظالمين " يعني من قوم فرعون يعني من تعييرهم وشماتتهم


الصفحة التالية
Icon