٤٥٤
بما في القلوب من الخير والشر ويقال " لطيف " يرى أثر النملة السوداء على الصخرة الصماء في الليلة الظلماء " خبير " يعني عالم بأفعال العباد وأقوالهم
ثم ذكر نعمه على خلقه ليعرفوا نعمته فيشكروه ويوحدوه فقال تعالى " هو الذي جعل لكم الأرض ذلولا " يعني خلق لكم الأرض ومدها وذللها وجعلها لينة لكي تزرعوا فيها وتنتفعوا منها بألوان المنافع " فامشوا في مناكبها " يعني لكي تمشوا في أطرافها ونواحيها وأكامها وجبالها
وهذا خبر بلفظ الأمر
وقال القتبي " فامشوا في مناكبها " يعني جوانبها ومنكبا الرجل جانباه
وقال قتادة " مناكبها " جبالها
قال وكان لبشر بن كعب سرية فقال لها إن أخبرتيني ما مناكب الأرض فأنت حرة لوجه الله فقالت مناكبها جبالها فصارت حرة
فأراد أن يتزوجها فسأل أبو الدرداء فقال له دع ما يريبك إلى ما لا يريبك
ويقال " هو الذي جعل لكم الأرض ذلولا " أي سهل لكم السلوك فيها " فامشوا في مناكبها " أي امشوا فيها
" وكلوا من رزقه " يعني تأكلون من رزق الله تعالى وتشكرونه
" وإليه النشور " يعني إلى الله تبعثون من قبوركم
ويقال معناه هو الذي ذلل لكم الأرض قادر على أن يبعثكم لأنه ذكر أولا خلق السماء ثم ذكر خلق الأرض ثم ذكر النشور
سورة الملك ١٦ - ٢٠
ثم خوفهم فقال عز وجل " ءأمنتم من في السماء " قال الكلبي ومقاتل يعني أمنتم عقوبة من في السماء يعني الرب تعالى إن عصيتموه
ويقال هذا على الاختصار ويقال أمنتم عقوبة من هو جار حكمه في السماء
قرأ أبو عمرو ونافع " آمنتم " بالمد والباقون بغير مد بهمزتين ومعناهما واحد وهو الاستفهام والمراد به التوبيخ
وقرأ ابن كثير بهمزة واحدة بغير مد على لفظ الخبر
" أن يخسف بكم الأرض " يعني تغور بكم الأرض كما فعل بقارون
" فإذا هي تمور " يعني تدور بكم إلى الأرض السفلى
" أم أمنتم من في السماء " يعني عذاب من في السماء
" أن يرسل عليكم حاصبا " يعني حجارة كما أرسلنا إلى قوم لوط
وقال القتبي " أم " على وجهين مرة يراد بها الاستفهام كقوله " أم يحسدون الناس " ومرة يراد بها أو كقوله " أم أمنتم " ويعني أو أمنتم
وهذا كقوله " أفأمنتم أن يخسف بكم جانب البر أو يرسل عليكم حاصبا " [ الإسراء ٦٨ ]