٤٦١
سورة نون والقلم ٣١ - ٣٣
ثم قال " إنا بلوناهم " يعني اختبرنا أهل مكة بترك الاستثناء
ويقال ابتليناهم بالجوع والشدة
" كما بلونا أصحاب الجنة " يعني أهل ضيروان قبيلة باليمن
وروى أسباط عن السدي قال كان قوم باليمن وكان أبوهم رجلا صالحا وكان إذا بلغ ثماره أتاه المساكين فلم يمنعهم من دخولها وأن يأكلوا منها ويتزودوا فيها
فلما مات أبوهم قال بنوه بعضهم لبعض على ما نعطي أموالنا هؤلاء المساكين تعالوا فلندع من يصرفها قبل أن يعلم المساكين ولم يستثنوا فانطلقوا وهم يتخافتون أي خفيا يقول بعضهم لبعض لا يدخلنها اليوم عليكم مسكين فذلك قوله " إذ أقسموا " يعني حلفوا فيما بينهم
" ليصرمنها مصبحين " يعني ليجدنها وقت الصبح أي ليقطعنها قبل أن يخرج المساكين
" ولا يستثنون " يعني لم يقولوا إن شاء الله
وروي في الخبر أن أباهم كان إذا أراد أن يصرم النخل اجتمع هناك مساكين كثير وقد جعل له علامة فكل ثمرة تسقط وراء العلامات تكون للمساكين
فكانوا يأخذون الثمر قدر ما يتزودون به أياما كثيرة
فلما مات الرجل قال بنوه فيما بينهم إن أبانا كان عياله أقل وحاجته أقل فصار عيالنا أكثر وحاجتنا أكثر
فخرجوا بالليل لا يشعر بهم المساكين فاحترقت نخيلهم في تلك الليلة فذلك قوله " فطاف عليها طائف من ربك وهم نائمون " يعني بعث الله تعالى نارا على جنتهم بالليل
والطائف الذي أتاك ليلا فأحرقها وهم نائمون
" من ربك وهم نائمون فأصبحت كالصريم " يعني صارت الحديقة كالليل المظلم
وقال القتبي الصريم من أسماء الأضداد
يسمى الليل صريما والصبح صريما لأن الليل ينصرم عن النهار والنهار ينصرم عن الليل
ويقال " كالصريم " يعني ذهب ما فيها فكأنه صرم أي قطع وجز
ثم قال " فتنادوا مصبحين " يعني نادى بعضهم بعضا عند الصبح وقال بعضهم لبعض " أن اغدوا على حرثكم " يعني اخرجوا بالغداة على جز زرعكم وصرام نخيلكم
" إن كنتم صارمين " يعني إن أردتم أن تصرموها قبل أن يحضرها المساكين
" فانطلقوا " يعني ذهبوا إلى نخيلهم " وهم يتخافتون " يعني يتشاورون فيما بينهم بكلام خفي " أن لا يدخلنها اليوم عليكم مسكين وغدوا على حرد " قال مقاتل يعني على جد في أنفسهم
" قادرين " على جنتهم
وقال الزجاج معناه على قصد وقال القتبي الحرد المنع ويقال الحرد القصد " قادرين " واجدين
ويقال على قوة ونشاط ويقال على طريق جنتهم ويقال الحرد اسم تلك الجنة
" فلما رأوها " يعني فلما أتوها ورأوها مسودة أنكروها " قالوا إنا لضالون " يعني


الصفحة التالية
Icon