٤٨٧
" وأقوم قيلا " يعني أبين وأصوب وأثبت قراءة وقال القتبي " ناشئة الليل " يعني ساعاته وهي مأخوذة من نشأت أي ابتدأت شيئا بعد شيء فكأنه قال إن ساعات الليل الناشئة فاكتفى بالوصف من الاسم قوله " أشد وطئا " يعني أثقل على المصلي من ساعات النهار
فأخبر أن الثواب على قدر الشدة " وأقوم قيلا " يعني أخلص للقول وأسمع له لأن الليل تهدأ فيه الأصوات وتنقطع فيه الحركات قرأ أبو عمرو وابن عامر " أشد وطأ " بكسر الواو ومد الألف والباقون بنصب الواو بغير مد
فمن قرأ بالكسر يعني أشد مواطأة أي موافقة لقلة السمع يعني أن القرآن في الليل يتواطأ فيه قلب المصلي ولسانه وسمعه على التفهم ومن قرأ بالنصب يعني أبلغ في القيام وأبين في القول
ويقال أغلظ على اللسان
قوله تعالى " إن لك في النهار سبحا طويلا " يعني فراغا طويلا تقضي حوائجك فيه ففرغ نفسك لصلاة الليل وقال القتبي " سبحا " أي تصرفا إقبالا وإدبارا بحوائجك وأشغالك
قوله عز وجل " واذكر اسم ربك " يعني اذكر توحيد ربك ويقال فاذكر ربك
ويقال صل لربك " وتبتل إليه تبتيلا " يعني أخلص إليه إخلاصا في دعائك بعبادتك وهو قول مجاهد وقتادة ويقال " وتبتل إليه تبتيلا " يعني انقطع إليه وأصل التبتل القطع ولهذا قيل لمريم العذراء البتول لأنها انقطعت إلى الله تعالى في العبادة
سورة المزمل ٩ - ١٣
ثم قال عز وجل " رب المشرق والمغرب " قرأ حمزة وابن عامر والكسائي وعاصم في رواية أبي بكر " رب المشرق " بالكسر والباقون " رب " بالضم فمن قرأ بالكسر اتباعا لقوله " واذكر اسم ربك " " رب المشرق والمغرب " ومن قرأ بالضم فهو على الابتداء ويقال معناه هو رب المشرق والمغرب
ثم قال " لا إله إلا هو " وقد ذكرناه " فاتخذه وكيلا " يعني وليا وحافظا وناصرا وكفيلا
ثم قال عز وجل " واصبر على ما يقولون " يعني على ما يقولون من التكذيب والأذى " واهجرهم هجرا جميلا " يعني اعتزلهم اعتزالا حسنا بلا جزع ولا فحش
قال الله تعالى " وذرني والمكذبين " هذا كلام على ما جرت به عادات الناس لأن الله تعالى لا يحول بينه وبين إرادته أحد ولكن معناه فوض أمورهم إلي يعني أمور المكذبين " أولي النعمة " يعني ذا المال والغنى " ومهلهم قليلا " يعني أجلهم يسيرا لأن الدنيا كلها قليلة يعني إلى قوم القيامة