٤٨٩
ثم قال " إن هذه تذكرة " يعني هذه السورة موعظة " فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلا " يعني من أراد أن يؤمن ويتخذ بذلك التوحيد إلى ربه مرجعا فليفعل وقال أهل اللغة في قوله " السماء منفطر به " ولم يقل السماء منفطرة به فالتذكير على وجهين أحدهما أنه انصرف إلى المعنى ومعنى السماء السقف كقوله " وجعلنا السماء سقفا محفوظا " [ الأنبياء ٣٢ ] والثاني أن معناه السماء ذات الانفطار كما يقال امرأة مرضع أي ذات رضاع على وجه النسب
ويقال قوله " السماء منفطر به " يعني فيه شيء في يوم القيامة ويقال يعني بالله تعالى أي من هيبته
قوله تعالى " إن هذه تذكرة " يعني إن هذه الآيات التي ذكر موعظة بليغة " فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلا " يعني من شاء أن يرغب فليرغب فقد أمكن له لأنه أظهر له الحجج والدلائل
سورة المزمل ٢٠
ثم قال عز وجل " إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى " يعني أقل " من ثلثي الليل ونصفه وثلثه " قرأ حمزة والكسائي وابن كثير وعاصم " ونصفه وثلثه " كلاهما بالنصب والباقون بالكسر
فمن قرأ بالنصب فهو على تفسير الأدنى لأنه لما قال " أدنى من ثلثي الليل " وكان " نصفه وثلثه " تفسير لذلك الأدنى
ومن قرأ بالكسر فمعناه أدنى من نصفه وثلثه
وقال الحسن لما نزل قوله " قم الليل إلا قليلا " فكان قيام الليل فريضة فقام بها المؤمنون حولا فأجهدهم ذلك وما كلهم قام بها فأنزل الله تعالى رخصة " إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى " إلى قوله " علم أن لن تحصوه " فصار تطوعا ولا بد من قيام الليل
فذلك قوله " إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثي الليل ونصفه وثلثه " " وطائفة من الذين معك " يعني وجماعة من المؤمنين معك تقومون نصف الليل وثلثه " والله يقدر الليل والنهار " يعني يعلم ساعات الليل والنهار " علم أن لن تحصوه " يعني أن لن تطيعوه ولم تقدروا أن تحفظوا ما فرض الله عليكم على الدوام
ويقال معناه لن تطيقوا حفظ ساعات الليل " فتاب عليكم " يعني تجاوز عنكم ورفع عنكم وجوب القيام " فاقرؤوا ما تيسر من القرآن " في صلاة الليل ويقال " فاقرؤوا ما تيسر من القرآن " في جميع الصلوات " علم أن سيكون منكم مرضى " يعني علم الله تعالى أن