٤٩٥
يقول الله تعالى " كذلك يضل الله من يشاء " يعني يخذله ولا يؤمن به وبأمثاله " ويهدي من يشاء " يعني يوفقه لذلك
ثم قال عز وجل " وما يعلم جنود ربك إلا هو " يعني من يعلم قوة جنود ربك وكثرتها إلا هو يعني الله تعالى
ويقال وما يعلم يعني لا يعلم عدد جموع ربك إلا الله تعالى " وما هي إلا ذكرى للبشر " يعني الدلائل والحجج في القرآن ويقال " ما هي " يعني القرآن ويقال وما هي يعني سقر " إلا ذكرى للبشر " يعني عظه للخلق
سورة المدثر ٣٢ - ٣٧
ثم أقسم الله تعالى لأجل سقر فقال " كلا " ردا عليهم " والقمر " يعني وخالق القمر " والليل إذا أدبر " يعني ذهب أقسم بخالق الليل وخالق الصبح فقال " والصبح إذا أسفر إنها لإحدى الكبر " يعني سقر إحدى الكبر العظام وباب من أبواب النار
قرأ نافع وحمزة وعاصم في رواية حفص " والليل إذ " بغير ألف " أدبر " بالألف والباقون " إذا " بالألف " دبر " بغير ألف وهما لغتان ومعناهما واحد دبر وأدبر ويقال دبر النهار وأدبر ودبر الليل وأدبر
وقال مجاهد سألت ابن عباس عن قوله " والليل إذا أدبر " فسكت حتى إذا كان آخر الليل قال يا مجاهد هذا حين دبر الليل ويقال الليل إذا أدبر يعني إذا جاء بعد النهار " والصبح إذا أسفر " يعني استضاء إنها " لإحدى الكبر " يعني أن سقر لأعظم دركات في النار
" نذيرا للبشر " يعني محمدا ﷺ نذيرا للخلق وإنما صار نعتا لأنه معناه تم نذيرا للبشر ويقال إن العذاب الذي ذكر نذيرا للبشر
قوله تعالى " لمن شاء منكم أن يتقدم أو يتأخر " يعني يتقدم في الخير أو يتأخر عنه إلى المعصية فبينا لكم فهذا وعيد لهم لمن شاء منكم أن يتقدم إلى الطاعة أو يتأخر إلى المعصية كقوله " فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر " [ الكهف ٢٩ ] ويقال معناه لمن شاء منكم أن يتقدم إلى التوبة فيوحد أو يتأخر عن التوبة فليقم على الكفر يعني نذيرا لمن شاء
سورة المدثر ٣٨ - ٥٤