٥٠٤
سورة الإنسان ٨ - ١٠
ثم بين ما أعد للشاكرين فقال " إن الأبرار " يعني الصادقين في إيمانهم " يشربون من كأس " يعني من خمر " كان مزاجها كافورا " يعني على برد الكافور وريح المسك وطعم الزنجبيل ليس ككافور الدنيا ولا كمسكها ولكنه وصف بها حتى تهتدى به القلوب ويقال الكافور اسم عين في الجنة يمزج بها الخمر " عينا يشرب بها عباد الله " يعني عين الكافور يشرب بها أولياء الله تعالى في الجنة " يفجرونها تفجيرا " يعني يمزجونها تمزيجا
وقال ابن عباس " يفجرونها تفجيرا " في قصورهم وديارهم وذلك أن عين الكافور يشرب بها المقربون صرفا غير ممزوج ولغيرهم ممزوجا
ويقال " يفجرونها تفجيرا " يعني يفجرون تلك العين في الجنة كيف أحبوا كما يفجر الرجل النهر الذي يكون له في الدنيا هاهنا وهاهنا حيث شاء
ثم بين أفعالهم في الدنيا فقال " يوفون بالنذر " يعني يتمون الفرائض
ويقال أوفوا بالنذر " ويخافون يوما " وهو يوم القيامة " كان شره مستطيرا " يعني عذابه فاشيا وظاهرا وهو أن السموات قد انشقت وتناثرت الكواكب وفزعت الملائكة وغارت المياه
ثم قال عز وجل " ويطعمون الطعام على حبه " يعني على قلته وشهوته وحاجته إليه " مسكينا " وهو الطائف بالأبواب " ويتيما وأسيرا " يعني من أسر من دار الشرك
ويقال أهل السجن
وذكر أن الآية نزلت في شأن علي بن أبي طالب وفاطمة رضي الله عنهما وكانا صائمين فجاءهما سائل وكان عندهما قوت يومهما فأعطيا السائل بعض ذلك الطعام ثم جاءهما يتيم فأعطياه من ذلك الطعام ثم جاءهما أسير فأعطياه الباقي فمدحهما الله تعالى لذلك
ويقال نزلت في شأن رجل من الأنصار
ثم قال عز وجل " إنما نطعمكم لوجه الله " يعني ينوون بأدائهم ويضمرون في قلوبهم وجه الله تعالى
ويقولون " لا نريد منكم جزاء ولا شكورا " يعني لا نريد منكم مكافأة في الدنيا ولا الثواب في الآخرة " إنا نخاف من ربنا يوما عبوسا قمطريرا " يعني العبوس الذي تعبس فيه الوجوه من هول ذلك اليوم
والقمطرير الشديد العبوس
ويقال عبوسا أي يوم يعبس فيه الوجوه فجعل عبوسا من صفة اليوم
كما قال " في يوم عاصف " [ إبراهيم ١٨ ] أراد عاصف الريح والقمطرير الشديد
يعني ينقبض الجبين وما بين الأعين من شدة الأهوال
ويقال قمطرير نعت لليوم
ويقال يوم قمطرير إذا كان شديدا
يعني يوما شديدا صعبا
سورة الإنسان ١١ - ١٤


الصفحة التالية
Icon