٥٥٢
ونصب " نارا " على أنه مفعول ثان
ومن قرأ بالنصب جعل الفعل الذي يدخل النار وهو كناية عن الوجوه ولهذا ذكره بلفظ التأنيث
ثم قال " ليس لهم طعام إلا من ضريع " والضريع نبات بين طريق مكة واليمن فإذا أكل الإبل منه رطبا بعضه فإذا يبس صار كأظفار الهرة فإذا أكل الكفار منه بقي في حلوقهم " ليس لهم طعام إلا من ضريع " يعني غير الضريع " لا يسمن " يعني لا يشبع الضريع " ولا يغني من جوع " يعني ولا ينفع من جوع وهذا الجزاء للذي يتعب نفسه للعمل في الدنيا والمعاصي وما لا يحتاج إليه
سورة الغاشية ٨ - ١٦
ثم وصف مكان الذي يعمل لله تعالى ويترك عمل المعصية ويؤدي ما أمر الله به ويترك ما نهي عنه فقال " وجوه يومئذ ناعمة " يعني من الوجوه ما تكون ناعمة يعني في نعمة وكرامة وهي وجوه المؤمنين والتائبين والصالحين
ويقال " وجوه يومئذ ناعمة " يعني مشرقة مضيئة مثل القمر ليلة البدر " لسعيها راضية " يعني لثواب عملها راضية
ويقال لثواب سعيه الذي عمل في الدنيا من الخير حين رأى ثوابه في الجنة " راضية " مرضية رضي الله عنه بعمله في الدنيا ويرضى العبد من الله تعالى في الآخرة بالثواب " في جنة عالية " يعني ذلك الثواب في جنة مرتفعة في الدرجات العلى
وروي عن النبي ﷺ أنه قال ( إن المتحابين في الله في غرفة ينظر إليهم أهل الجنة كما ينظر أهل الأرض إلى كواكب السماء )
ثم قال عز وجل " لا تسمع فيها لاغية " يعني لا يكون في الجنة لغو ولا باطل وليس فيها غل ولا غش
قرأ نافع " لا تسمع " بالتاء المضمومة بلفظ التأنيث لأن " لاغية " مؤنثة
وقرأ ابن كثير وأبو عمرو " لا يسمع " بضم الياء على معنى فعل ما لم يسم فاعله وإنما ذكر بلفظ التذكير لأنه انصرف إلى المعنى
يعني إلى اللغو
وروي عن ابن كثير ونافع في إحدى الروايتين " لا تسمع " بنصب التاء يعني لا تسمع في الجنة أيها الداخل كلمة لغو لأن أهل الجنة لا يتكلمون إلا بالحكمة وحمد الله تعالى
ثم قال " فيها عين جارية " يعني في الجنة عين جارية ماؤها أشد بياضا من اللبن وأحلى من العسل فمن شرب منه شربة لا يظمأ بعدها أبدا ويذهب من قلبه الغل والغش والحسد والعداوة والبغضاء
ثم قال " فيها سرر مرفوعة " يعني مرتفعة " وأكواب موضوعة " يعني الكيزان التي لا عرى لها مدورة الرأس " ونمارق مصفوفة " يعني وسائد قد صف بعضها إلى بعض على الطنافس