٥٨٤
يهلك بالعذاب
ويقال " فالموريات قدحا " يعني نار أبي حباحب وكان أبو حباحب رجلا في بعض أحياء العرب من أبخل الناس ولم يوقد نارا ليخبز حتى ينام كل ذي عين ثم يوقدها فإذا استيقظ أحد أطفأها لكي لا ينتفع بناره أحد بخلا منه فكذلك الخيل حين اشتدت على أرض الحصاة فقدحت النار بحوافرها لا ينتفع بها كما لا ينتفع بنار أبي حباحب
ثم قال " فالمغيرات صبحا " يعني الخصماء يغيرون على حسنات العبد يوم القيامة بمنزلة ريح عاصف يجيء ويرفع التراب الناقع من حوافر الدواب فذلك قوله " فأثرن به نقعا " ويقال هي الإبل ترجع من عرفات إلى المزدلفة ثم يرجعن إلى منى وتذبح هناك ويقسم اللحم ويؤخذ اللحم كأنهم أغاروها " فأثرن به نقعا " يعني هيجن بالوادي غبارا حين يرجعون من مزدلفة إلى منى
وقوله " به " كناية عن الوادي فكأنه يقول " فأثرن بالوادي نقعا " أي غبارا
ثم قال " فوسطن به جمعا " يعني فوقعن بالوادي ويقال بالمكان يعني اجتمع الحاج بمنى
سورة العاديات ٦ - ١١
ثم قال تعالى " إن الإنسان لربه لكنود " فيه جواب القسم أقسم الله تعالى بهذه الأشياء وفيه بين ذكر فضل الغازي وفضل فرس الغازي على تفسير من فسر الآية على الفرس حين أقسم الله تعالى بالتراب الذي يخرج والنار التي تخرج من تحت حوافر فرس الغازي لأنه ليس عمل أفضل من الجهاد في سبيل الله تعالى
ومن فسر الآية على الإبل ففي الآية بيان فضل الحاج وفضل دواب الحاج حيث أقسم بالتراب الذي يخرج من تحت أخفاف إبل الحاج والنار التي تخرج منها حيث صارت في أرض الحجارة
" إن الإنسان لربه لكنود " يعني لبخيل
قال مقاتل نزلت في قرط بن عبد الله وقال معنى الكنود بلسان كندة وبني حضرموت هو العاصي لربه وبلسان بني كنانة البخيل
ويقال هو الوليد بن المغيرة ويقال هو أبو حباحب ويقال كان ثلاثة نفر في العرب في عصر واحد أحدهم آية في السخاء وهو حاتم الطائي والثاني آية في البخل وهو أبو حباحب والثالث آية في الطمع وهو أشعب كان طماعا وكان إذا رأى عروسا تزف إلى موضع جعل يكنس باب داره لكي تدخل داره وكان إذا رأى إنسانا يحك عنقه فيظن أنه ينزع القميص ليدفعه إليه
ويقال الكنود الذي يمنع رفده ويجيع أهله ويضرب عبده ويأكل وحده ولا يعبأ للنائبة في قومه وقال الحسن الكنود الذي يذكر المصائب وينسى النعم ويقال الكنود الذي لا خير فيه ويقال للأرض التي غلب عليها السبخة ولا يخرج منها البذر أرض كنود