ثم خوفهم فقال عز وجل " أو لم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم " يعني الأمم الخالية كانت عاقبتهم الهلاك
ثم أخبر عنهم فقال " كانوا أشد منهم قوة " يعني من أهل مكة " وأثاروا الأرض " قال مقاتل يعني ملكوا الأرض
وقال الكلبي يعني حرثوها
ويقال " وأثاروا الأرض " إذا قلبوها للزراعة
" وعمروها " يعني عمروا الأرض " أكثر مما عمروها " يعني أهل مكة
ويقال عاشوا فيها أكثر مما عاش أهل مكة " وجاءتهم رسلهم بالبينات " يعني بالحجج الواضحات فكذبوهم فأهلكهم الله عز وجل " فما كان الله ليظلمهم " فيعذبهم بغير ذنب " ولكن كانوا أنفسهم يظلمون " بالمعاصي
قوله عز وجل " ثم كان عاقبة الذين أساءوا " يعني آخر أمر الذين أشركوا " السوأى " يعني العذاب فيجوز أن تكون " ثم " على معنى التأخير ويجوز أن يكون معناه ثم هذا كان عاقبة الذين
قرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو " عاقبة " بالضم وقرأ الباقون بالنصب
فمن قرأ بالضم جعله اسم كان وجعل " السوء " خبر كان
ومن قرأ بالنصب جعل العاقبة خبر كان والسوء اسم كان ومعنى القراءتين يرجع إلى شيء واحد يعني ثم كان عاقبة الكافرين النار لتكذيبهم بآيات الله عز وجل
والسوء ههنا جهنم كما أن الحسنى الجنة
ثم قال " أن كذبوا بآيات الله " يعني عاقبتهم جهنم لأنهم كذبوا بآيات الله بما جاءت بها الرسل " وكانوا بها يستهزئون " يعني بآيات الله
ثم قال عز وجل " الله يبدأ الخلق ثم يعيده " يعني يحييهم بعد الموت " ثم إليه ترجعون " في الآخرة
قرأ أبو عمرو وعاصم في رواية أبي بكر " يرجعون " بالياء على معنى الإخبار عنهم وقرأ الباقون بالتاء على معنى المخاطبة
سورة الروم ١٢ - ١٦
ثم قال عز وجل " ويوم تقوم الساعة " يعني واذكر يوم تقوم الساعة " يبلس المجرمون " يعني ييأس المشركون من كل خير
ويقال أيسوا من إقامة الحجة
ويقال " يبلس المجرمون " يعني يندمون
قال الزجاج المبلس الساكت المنقطع في حجته الآيس من أن يهتدي " ولم يكن لهم من شركائهم شفعاء " يعني من الملائكة ومن الأصنام " وكانوا بشركائهم كافرين " يعني تبرأت الملائكة عليهم السلام منهم وتبرأت الأصنام عنهم