٨٤
ثم أخبر عن خوف الملائكة أنهم إذا سمعوا الوحي خروا سجدا من مخافة الله عز وجل وكيف يعبد من هذه حاله فذلك قوله " حتى إذا فزع عن قلوبهم " وذلك أن أهل السموات لم يكونوا سمعوا صوت الوحي بين عيسى ومحمد عليهما السلام فسمعوا صوتا كوقع الحديد على الصفا وذلك صوت الوحي ويقال صوت نزول جبريل عليه السلام فخروا سجدا مخافة القيامة فهبط جبريل عليه السلام على أهل كل سماء فأخبرهم أنه الوحي فذلك قوله " حتى إذا فزع عن قلوبهم " وذكر عن بعض أهل اللغة أنه قال إذا كانت " حتى " موصولة بإذا تكون بمعنى لما ويقع موقع الابتداء كقوله عز وجل " حتى إذا فتحنا عليهم بابا " [ المؤمنون ٧٧ ] كقوله " حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج " [ الأنبياء ٩٦ ] وكقوله " حتى إذا فزع عن قلوبهم " [ سبأ ٢٣ ] يعني لما فزع عن قلوبهم ومعناه انجلاء الفزع عن قلوبهم فقاموا عن السجود وسأل بعضهم بعضا " قالوا ماذا قال ربكم " يعني ماذا قال جبريل عليه السلام عن ربكم " قالوا الحق " يعني الوحي
قال الفقيه أبو الليث رحمه الله حدثنا الخليل بن أحمد
قال حدثنا الدبيلي
قال حدثنا أبو عبد الله
قال حدثنا سفيان عن عمرو بن دينار عن عكرمة عن أبي هريرة عن النبي ﷺ أنه قال ( إذا قضى الله في السماء أمرا ضربت الملائكة بأجنحتها خفقانا لقوله كأنه سلسلة على صفوان " فإذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم " قالوا الذي قال " الحق " الذي قال والشياطين بعضهم فوق بعض فإذا سمع الأعلى منهم الكلمة رمى بها إلى الذي تحته وربما أدركه الشهاب قبل أن ينبذها وربما نبذها قبل أن يدركه الشهاب فينبذها بعضهم إلى بعض حتى تنتهي إلى الأرض فتلقى على لسان الكاهن والساحر فيكذب معها مائة كذبة فيصدق فيقول أليس قد أخبر بكذا وكذا وكان حقا وهي الكلمة التي سمع من السماء )
قرأ ابن عامر " حتى إذا فزع " بنصب الفاء والزاي يعني كشف الله الفزع وقرأ الباقون بضم الفاء وكسر الزاي على معنى فعل ما لم يسم فاعله
وقرأ الحسن " حتى إذا فرغ " بالراء والغين يعني فرغ الفزع عن قلوبهم وقراءة العامة بالزاي أي خفف عنها الفزع
وقال مجاهد معناه حتى إذا كشف عنها الغطاء يوم القيامة ثم قال " وهو العلي الكبير " يعني هو أعلى وأعظم وأجل من أن يوصف له شريك
سورة سبأ٢٤ - ٢٥


الصفحة التالية
Icon