٩٣
فذلك قوله تعالى " يزيد في الخلق ما يشاء " يعني في خلق الملائكة
ويقال " يزيد في الخلق ما يشاء " يعني الشعر الحسن والصوت الحسن
ويقال " يزيد في الخلق ما يشاء " يعني في الجمال والكمال والدماثة
ثم قال " إن الله على كل شيء قدير " من الزيادة والنقصان وغيره
ثم قال عز وجل " ما يفتح الله للناس من رحمة " يعني ما يرسل الله للناس من رزق كقوله " ابتغاء رحمة من ربك " [ الإسراء ٢٨ ] ويقال الغيث
ويقال " من رحمة " يعني من كل خير " فلا ممسك لها " يعني لا يقدر أحد على حبسها " وما يمسك " يعني ما يحبس من رزق " فلا مرسل له من بعده " يعني فلا معطي أحد بعد الله عز وجل
قال في أول الكلام " فلا ممسك لها " بلفظ التأنيث لأنه انصرف إلى اللفظ وهو الرحمة
ثم قال " فلا مرسل له " بلفظ التذكير لأنه ينصرف إلى المعنى وهو المطر والرزق ولو كان كلاهما بلفظ التذكير أو كلاهما بلفظ التأنيث لجاز في اللغة
فذكر الأول بلفظ التأنيث لأن الرحمة كانت أقرب إليه وفي الثاني كان أبعد وقد ذكر بلفظ التذكير لجاز حذف ما
ثم قال " وهو العزيز " فيما أمسك " الحكيم " فيما أرسل
سورة فاطر ٣ - ٤
قوله عز وجل " يا أيها الناس اذكروا نعمة الله عليكم " يعني احفظوا نعمة الله عليكم ثم ذكر النعمة فقال " هل من خالق غير الله يرزقكم من السماء والأرض " يعني النبات والمطر
قرأ حمزة والكسائي " غير الله " بكسر الراء وقرأ الباقون بالضم مثل ما في سورة الأعراف
والاستثناء إذا كان بحرف إلا فإن الإعراب يكون على ما بعده
وإذا كان الاستثناء بحرف غير فإن الإعراب يقع على نفس الغير
فمن قرأ بالكسر صار كسرا على البدل
ومن قرأ بالرفع فمعناه هل خالق غير الله لأن " من " موكدة ولفظ الآية لفظ الاستفهام والمراد به النفي يعني أنتم تعلمون أنه لا يخلق أحد سواه ولا يرزقكم أحد سواه
ثم وحد نفسه فقال " لا إله إلا هو " يفعل بكم ذلك " فأنى تؤفكون " يعني من أين تكذبون وأنتم تعلمون أنه لا يخلق أحد سواه
ثم قال عز وجل " وإن يكذبوك فقد كذبت رسل من قبلك " كما كذبك قومك وهذا تعزية يعزي بها نبيه ﷺ ليصبر على أذاهم " وإلى الله ترجع الأمور " يعني إليه ترجع عواقب الأمور بالبعث
سورة فاطر ٥


الصفحة التالية
Icon