" صفحة رقم ١٠٩ "
الشهرزوري ) )، وقد قرأت القرآن بقراءة السبعة بجزيرة الأندلس على الخطيب أبي جعفر ( ( أحمد بن علي بن محمد الرعيني ) ) عرف بابن الطباع بغرناطة، وعلى الخطيب أبي محمد ( ( وعبد الحق بن علي بن عبد لاله الأنصاري ) ) الوادي تشبتي ( ( بمطحشارش ) )، من حضرة غرناطة وعلى غيرها بالأندلس، وقرأت القرآن بالقراءات الثمان بثغر ( ( الإسكندرية ) ) على الشيخ الصالح رشيد الدين أبي محمد عبد النصير بن علي بن يحيى الهمداني عرف بابن المربوطي، وقرأت القرآن بالقراءات السبع بمصر حرسها الله تعالى الشيخ المسند العدل فخر الدين أبي الطاهر إسماعيل بن هبة الله بن علي المليجي، وأنشأت في هذا العلم كتاب ( ( عقد اللآليء ) ) قصيداً في عروض قصيد ( ( الشاطبي ) )، ورويه يشتمل على ألف بيت وأربعة وأربعين بيتاً، صرحت فيها بأسامي القراء من غير رمز ولا لغز ولا حوشي لغة، وأنشأته من كتب تسعة كما قلت : تنظم هذا العقد من در تسعة
من الكتب فالتيسير عنوانه انجلى
بكاف لتجريد وهاد لتبصره
وإقناع تلخيصين مكملا
جنيت له أنسي لفظ لطيفة
وجانبت وحشياً كثيفاً معقلا
فهذه سبعة وجوه لا ينبغي أن يقدم على تفسير كتاب الله إلا من أحاط بجملة غالبها من كل وجه منها، ومع ذلك فاعلم أنه لا يرتقي من علم التفسير ذروته، ولا يمتطي منه صهوته، إلا من كان متبحراً في علم اللسان، مترقياً منه إلى رتبة الإحسان، قد جبل طبعه على إنشاء النثر والنظم دون اكتساب، وإبداء ما اخترعته فكرته السليمة في أبدع صورة وأجمل جلبات، واستفرغ في ذلك زمانه النفيس، وهجر الأهل والولد والأنيس، ذلك الذي له في رياضه أصفى مرتع، وفي حياضه أصفى مكرع، يتنسم عرف أزاهر طال ما حجبتها الكمام. ويترشف كؤوس رحيق له المسلك ختام، ويستوضح أنوار بدور سترتها كثائف الغمام، ويستفتح أبواب مواهب الملك العلام، يدرك إعجازك القرآن بالوجدان لا يالتقليد، وينفتح له ما استغلق إذ بيده الإقليد، وأما من اقتصر على غير هذا من العلوم، أو قصر في إنشاء المنثور والمنظوم، فإنه بمعزل عن فهم غوامض الكتاب، وعن إدراك لطائف ما تضمنه من العجب العجاب، وحظه من علم التفسير إنما هو نقل أسطار، وتكرار محفوظ على مر الأعصار، ولبتاين أهل الإسلام في إدراك فصاحة وتوقل في معارف الآداب وقوانينها، أدرك بالوجدان أن القرآن أتى في غاية من الفصاحة لا يوصل إليها، ونهاية من البلاغة لا يمكن أن يحام عليها، فمارضته عنده غير ممكنة للبشر، ولا داخلة تحت القدر، ومن لم يدرك هذا المدرك، ولا سلك هذا المسلك، رأى أنه من نمط كلام العرب، وإن مثله مقدور لمنشىء الخطب، فإعجازه عنده