" صفحة رقم ١٥٠ "
وقول الأحوص : ويلجئني في اللهو أن لا أحبه
واللهو داع دائب غير غافل
قال الطبري أي أن تسخر وأن أحبه وقال غيره معناه إرادة أن لا أحبه فلا فيه متمكنة يعني في كونها نافية لا زائدة واستدلوا أيضا على زيادتها ببيت أنشده المفسرون وهو : أبى جوده لا البخل واستعجلت به
نعم من فتى لا يمنع الجود قاتله
وزعموا أن لا زائدة والبخل مفعول بأبي أي أبى جوده البخل ولا دليل في ذلك بل الأظهر أن لا مفعول بأبي وأن لفظة لا لا تتعلق بها وصار إسنادا لفظيا ولذلك قال : واستعجلت به نعم فجعل نعم فاعلة بقوله استعجلت وهو إسناد لفظي والبخل بدل من لا أو مفعول من أجله وقيل انتصب غير بإضمار أعني وعزى إلى الخليل وهذا تقدير سهل وعليهم في موضع رفع بالمغضوب على أنه مفعول لم يسم فاعله وفي إقامة الجار والمجرور مقام الفاعل إذا حذف خلاف ذكر في النحو. ومن دقائق مسائلة مسألة يغني فيها عن خبر المبتدأ ذكرت في النحو و لا في قوله :) ولا الضالين ( لتأكيد معنى النفي لأن غير فيه النفي كأنه قيل لا المغضوب عليهم ولا الضالين وعين دخولها العطف على قوله المغضوب عليهم لمناسبة غير ولئلا يتوهم بتركها عطف الضالين على الذين. وقرأ عمر وأبي وغير الضالين وروي عنهما في الراء في الحرفين النصب والخفض ويدل على أن المغضوب عليهم هم غير الضالين والتأكيد فيها أبعد والتأكيد في لا أقرب ولتقارب معنى غير من معنى لا أتى الزمخشري بمسألة ليبين بها تقاربهما فقال : وتقول أنا زيدا غير ضارب مع امتناع قولك أنا زيدا مثل ضارب لأنه بمنزلة قولك أنا زيدا لا ضارب يريد أن العامل إذا كان مجرورا بالإضافة فمعموله لا يجوز أن يتقدم عليه ولا على المضاف لكنهم تسمحوا في العامل المضاف إليه غير فأجازوا تقديم معموله على غير إجراء لغير مجرى لا فكما أنه لا يجوز تقديم معمول ما بعدها عليها فكذلك غير. وأوردها الزمخشري على أنها مسألة مقررة مفروغ منها ليقوي بها التناسب بين غير ولا إذ لم يذكر فيها خلافا. وهذا الذي ذهب إليه الزمخشري مذهب ضعيف جدا بناه على جواز أنا زيدا لا ضارب وفي تقديم معمول ما بعد لا عليها ثلاثة مذاهب ذكرت في النحو وكون اللفظ يقارب اللفظ في المعنى لا يقضى له بأن يجري أحكامه عليه ولا يثبت تركيب إلا بسماع من العرب ولم يسمع أنا زيدا غير ضارب وقد ذكر أصحابنا قول من ذهب إلى جواز ذلك وردوه وقدر بعضهم في غير المغضوب محذوفا قال التقدير غير صراط المغضوب عليهم وأطلق هذا


الصفحة التالية
Icon