" صفحة رقم ١٥١ "
التقدير فلم يقيده بجر غير ولا نصبه، وهذا لا يتأتى إلا بنصب غير، فيكون صفة لقوله الصراط، وهو ضعيف لتقدم البدل على الوصف، والأصل العكس، أو صفة للبدل، وهو صراط الذين، أو بدلاً من الصراط، أو من صراط الذين، وفيه تكرار الإبدال، وهي مسألة لم أقف على كلام أحد فيها، إلا أنهم ذكروا ذلك في بدل النداء، أو حالاً من الصراط الأول أو الثاني.
وقرأ أيوب السختياني : ولا الضألين، بإبدال الألف همزة فراراً من التقاء الساكنين. وحكى أبو زيد دأبة وشأبة في كتاب الهمز، وجاءت منه ألفاظ، ومع ذلك فلا ينقاس هذا الإبدال لأنه لم يكثر كثرة توجب القياس، نص على أنه لا ينقاس النحويون، قال أبو زيد : سمعت عمرو بن عبيد يقرأ فيومئذ لا يسأل عن ذنبه إنس ولا جأن، فظننته قد لحن حتى سمعت من العرب دأبة وشأبة. قال أبو الفتح : وعلى هذه اللغة قول كثير :
إذا ما العوالي بالعبيط احمأرت
وقول الآخر : وللأرض إما سودها فتجلت
بياضاً وإما بيضها فادهأمت
وعلى ما قال أبو الفتح إنها لغة، ينبغي أن ينقاس ذلك، وجعل الإنعام في صلة الذين، والغضب في صلة أل، لأن صلة الذين تكون فعلاً فيتعين زمانه، وصلة أل تكون اسماً فينبهم زمانه، والمقصود طلب الهداية إلى صراط من ثبت إنعام الله عليه وتحقق ذلك، وكذلك أتى بالفعل ماضياً وأتى بالإسم في صلة أن ليشمل سائر الأزمان، وبناه للمفعول، لأن من طلب منه الهداية ونسب الأنعام إليه لا يناسب نسبة الغضب إليه، لأنه مقام تلطف وترفق وتذلل لطلب الإحسان، فلا يناسب مواجهته بوصف الانتقام، وليكون المغضوب توطئة لختم السورة بالضالين لعطف موصول على موصول مثله لتوافق آخر الآي. والمراد بالإنعام، الإنعام الديني، والمغضوب عليهم والضالين عام في كل من غضب عليه وضل. وقيل المغضوب عليهم : اليهود، والضالّون النصارى، قاله ابن مسعود، وابن عباس، ومجاهد، والسدي، وابن زيد. وروي هذا عن عدي بن حاتم، عن رسول الله ( ﷺ ) )، وإذا صح هذا وجب المصير إليه، وقيل اليهود والمشركون، وقيل غير ذلك. وقد روي في كتب التفسير في الغضب والضلال قيود من المتصوفة لا يدل اللفظ عليها، كقول بعضهم غير المغضوب عليهم، بترك حسن الأدب في أوقات القيام بخدمته، ولا الضالين، برؤية ذلك، وقيل


الصفحة التالية
Icon