" صفحة رقم ٢٢٥ "
الثاني : أن المطر، وإن كان نافعاً إلا أنه لما ظهر في هذه الصورة صار النفع به زائلاً، كذلك إظهار الإيمان نافع للمنافق لو وافقه الباطن، وأما مع عدم الموافق فهو ضرر. الثالث : أنه مثل حال المنافقين في ظنهم أن ما أظهروه نافعهم وليس بنافعهم بمن نزلت به هذه الأمور مع الصواعق، فإنه يظن أن المخلص له منها جعل أصابعه في أذانه وهو لا ينجيه ذلك مما يريد الله به من موت أو غيره. الرابع : أنه مثل لتأخر المنافق عن الجهاد فراراً من الموت بمن أراد دفع هذه الأمور بجعل أصابعهم في آذانهم. الخامس : أنه مثل لعدم خلاص المنافق من عذاب الله بالجاعلين أصابعهم في آذانهم، فإنهم وإن تخلصوا من الموت في تلك الساعة، فإن الموت من ورائهم.
٢ ( ) يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ كُلَّمَآ أَضَآءَ لَهُم مَّشَوْاْ فِيهِ وَإِذَآ أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُواْ وَلَوْ شَآءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ ( ) ) ٢
) يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ كُلَّمَا أَضَاء لَهُم مَّشَوْاْ فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُواْ وَلَوْ شَاء اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ ).
البقرة :( ٢٠ ) يكاد البرق يخطف.....
يكاد : مضارع كاد التي هي من أفعال المقاربة، ووزنها فعل يفعل، نحو خاف يخاف، منقلبة عن واو، وفيها لغتان : فعل كما ذكرناه، وفعل، ولذلك إذا اتصل بها ضمير الرفع لمتكلم أو مخاطب أو نون إناث ضموا الكاف فقالوا : كدت، وكدت، وكدن، وسمع نقل كسر الواو إلى الكاف، مع ما إسناده لغير ما ذكر قول الشاعر : وكيدت ضباع القف يأكلن جثتي
وكيد خراش عند ذلك ييتم
يريد، وكادت، وكاد، وليس، من أفعال المقاربة ما يستعمل منها مضارع إلا : كاد، وأوشك. وهذه الأفعال هي من باب كان، ترفع الإسم وتنصب الخبر، إلا أن خبرها لا يكون إلا مضارعاً، ولها باب معقود في النحو، وهي نحو من ثلاثين فعلاً ذكرها أبو إسحاق البهاري في كتابه ( شرح جمل الزجاجي ). وقال بعض المفسرين : يكاد فعل ينفي المعنى مع إيجابه ويوجبه مع النفي، وقد أنشدوا في ذلك شعراً يلغز فيه بها، وهذا الذي ذكر هذا المفسر هو مذهب أبي الفتح وغيره، والصحيح عند أصحابنا أنها كسائر الأفعال في أن نفيها نفي وإيجابها إيجاب، والاحتجاج للمذهبين مذكور في كتب النحو. الخطف : أخذ الشيء بسرعة. كل : للعموم، وهو اسم جمع لازم للإضافة، إلا أن ما أضيف إليه يجوز حذفه ويعوض منه التنوين، وقيل : هو تنوين الصرف، وإذا كان المحذوف معرفة بقيت كل على تعريفها بالإضافة، فيجيء منها الحال، ولا تعرف باللام عند الأكثرين، وأجاز ذلك الأخفش، والفارسي، وربما انتصب حالاً، والأصل فيها أن تتبع توكيداً كأجمع، وتستعمل مبتدأ، وكونها كذلك أحسن من كونها مفعولاً، وليس ذلك بمقصور على السماع ولا مختصاً بالشعر خلافاً لزاعمه. وإذا أضيفت كل إلى نكرة أو معرفة بلام الجنس حسن أن تلي العوامل اللفظية، وإذا ابتدىء بها مضافة لفظاً إلى نكرة طابقت الأخبار وغيرها ما تضاف إليه وإلى معرفة، فالأفصح إفراد العائد أو معنى لا لفظاً، فالأصل، وقد يحسن الإفراد


الصفحة التالية
Icon