" صفحة رقم ٤٠٨ "
أي عن الحق ) ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ ( أي : لكم ) وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ ( أي : على غير الوجه المراد منه ) وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ ( أي : على الحقيقة المطلوبة ) رَبَّنَا ( أي يا ربنا ) لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا ( أي : عن الحق ) بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا ( أي : إليه ) كَذَّبُواْ بِئَايَاتِنَا ( أي : المنزلة على الرسل، أو المنصوبات علماً على التوحيد ) بِذُنُوبِهِمْ ( أي السالفة.
والتكرار : نزل عليك الكتاب، وأنزل التوراة، وأنزل الفرقان. كرر لاختلاف الإنزال، وكيفيته، وزمانه، بآيات الله، والله. كرر اسمه تعالى تفخيماً، لأن في ذكر المظهر من التفخيم ما ليس في المضمر. لا إله إلاَّ هو الحي القيوم، لا إله إلا هو العزيز. كرر الجملة تنبيهاً على استقرار ذلك في النفوس، ورداً على من زعم أن معه إلهاً غيره. ابتغاء تأويله، وما يعلم تأويله. كرر لاختلاف التأويلين، أو للتفخيم لشأن التأويل. ربنا لا تزغ، ربنا إنك. كرر الدعاء تنبيهاً على ملازمته، وتحذيراً من الغفلة عنه لما فيه من إظهار الافتقار.
والتقديم والتأخير، وذلك في ذكر إنزال الكتب، لم يجيء الإخبار عن ذلك على حسب الزمان، إذ التوراة أولاً، ثم الزبور، ثم الإنجيل، ثم القرآن. وقدم القرآن لشرفه، وعظم ثوابه ونسخه لما تقدم، وبقائه، واستمرار حكمه إلى آخر الزمان. وثنى بالتوراة لما فيها من الأحكام الكثيرة، والقصص، وخفايا الاستنباط.
ورواها من : أن التوراة حين نزلت كانت سبعين وسقاً، ثم ثلث بالإنجيل، لأنه كتاب فيه من المواعظ والحكم ما لا يحصى، ثم تلاه بالزبور لأن فيه مواعظ وحكما لم تبلغ مبلغ الإنجيل، وهذا إذا قلنا إن الفرقان هو الزبور، وفي قوله :) فِي الاْرْضِ وَلاَ فِى السَّمَاء ( قدم الأرض على السماء وإن كانت السماء أكثر في العوالم، وأكبر في الأجرام، وأكبر في الدلائل والآيات، وأجزل في الفضائل لطهارة سكانها، بخلاف سكان الأرض، ليعلمهم، إطلاعه على خفايا أمورهم، فاهتم بتقديم محلهم عسى أن يزدجروا عن قبيح أفعالهم، لأنه إذا أنبه على أن الله لا يخفى عليه شيء من أمره، استحيا منه.
والالتفات ) رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ ( ثم قال ) إِنَّ اللَّهَ ( وفي قوله :) كَذَّبُواْ بِئَايَاتِنَا ( ثم قال ) وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ ).
والتأكيد :) وَأُولَئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ ( فاكد بلفظة : هم، وأكد بقوله :) هُوَ الَّذِي يُصَوّرُكُمْ ( قوله ) لاَ إِلَاهَ إِلاَّ هُوَ ( وأكد بقوله ) هُوَ الَّذِى أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ ( قوله ) نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ ).
والتوسع بإقامة المصدر مقام اسم الفاعل في قوله : هدى، والفرقان، أي : هادياً، والفارق. وبإقامة الحرف مقام الظرف في قوله : من الله، أي : عند الله، على قول من أوَّل : من، بمعنى : عند.
والتجنيس المغاير في قوله : وهب، والوهاب.
٢ ( ) قُلْ لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ قَدْ كَانَ لَكُمْ ءَايَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِى سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِّثْلَيْهِمْ رَأْىَ الْعَيْنِ وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَن يَشَآءُ إِنَّ فِى ذالِكَ لَعِبْرَةً لاوْلِى الاٌّ بْصَارِ زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَآءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذالِكَ مَتَاعُ الْحَيَواةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَأَبِ ( ) ) ٢
العبرة : الاتعاظ يقال : منه اعتبر، وهو الاستدلال بشيء على شيء يشبهه، واشتقاقها من العبور، وهو مجاوزة الشيء إلى الشيء، ومنه : عبر النهر، وهو شطه، والمعبر : السفينة، والعبارة يعبر بها إلى المخاطب بالمعاني، وعبرت الرؤيا مخففاً ومثقلاً : نقلت ما