" صفحة رقم ٤٥٤ "
إليها بعينيه مع الماء إلى آخر الحديث. وقيل : المعنى ليطهركم عن التمرّد عن الطاعة. وقرأ ابن المسيب : ليطهرْكم بإسكان الطاء وتخفيف الهاء.
( وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ ( أي وليتم برخصة العامة عليكم بعزائمه. وقيل : الكلام متعلق بما دل عليه أوّل السورة من إباحة الطيبات من المطاعم والمناكح، ثم قال بعد كيفية الوضوء : ويتم نعمته عليكم، أي النعمة المذكورة ثانياً وهي نعمة الدين. وقيل : تبيين الشرائع وأحكامها، فيكون مؤكداً لقوله :) وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِى ( وقيل : بغفران ذنوبهم. وفي الخبر :) حَسَراتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ ).
) لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ( أي تشكرونه على تيسير دينه وتطهيركم وإتمام النعمة عليكم.
المائدة :( ٧ ) واذكروا نعمة الله.....
( وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثَاقَهُ الَّذِى وَاثَقَكُم بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا ( الخطاب للمؤمنين، والنعمة هنا الإسلام، وما صاروا إليه من اجتماع الكلمة والعزة. والميثاق : هو ما أخذه الرسول عليهم في بيعة العقبة وبيعة الرضوان، وكل موطن قاله : ابن عباس، والسدي، وجماعة. وقال مجاهد : هو ما أخذ على النسم حين استخرجوا من ظهر آدم. وقيل : هو الميثاق المأخوذ عليهم حين بايعهم على السمع والطاعة في حال اليسر والعسر، والمنشط والمكره. وقيل : الميثاق هو الدلائل التي نصبها لأعينهم وركبها في عقولهم، والمعجزات التي أظهرها في أيامهم حتى سمعوا وأطاعوا. وقيل : الميثاق إقرار كل مؤمن بما ائتمر به. وروي عن ابن عباس : أنه الميثاق الذي أخذه الله على بني إسرائيل حين قالوا : آمنا بالتوراة وبكل ما فيها، ومن جملته البشارة بالرسول ( ﷺ ) )، فلزمهم الإقرار به. ولا يتأتى هذا القول إلا أن يكون الخطاب لليهود، وفيه بعد. والقولان بعده يكون الميثاق فيهما مجاز، والأجود حمله على ميثاق البيعة، إذ هو حقيقة فيه، وفي قوله : إذا قلتم سمعنا وأطعنا.
( وَاتَّقُواْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ( أي : واتقوا الله ولا تتناسوا نعمته، ولا تنقضوا ميثاقه. وتقدم شرح شبه هذه الجملة في النساء فأغنى عن إعادته.
المائدة :( ٨ ) يا أيها الذين.....
( أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ للَّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَانُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ ( تقدم تفسير مثل هذه الجملة الأولى في النساء، إلا أنّ هناك بدىء بالقسط، وهنا أخر. وهذا من التوسع في الكلام والتفنن في الفصاحة. ويلزم مَن كان قائماً لله أن يكون شاهداً بالقسط، ومن كان قاتماً بالقسط أن يكون قائماً لله، إلا أنَّ التي في النساء جاءت في معرض الاعتراف على نفسه وعلى الوالدين والأقربين، فبدىء فيها بالقسط الذي هو


الصفحة التالية
Icon