" صفحة رقم ١٣٤ "
) وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُواّ يَعْمَلُونَ ( يحتمل أن تكون الجملة داخلة تحت الاستدراك ويحتمل أن تكون استئناف إخبار، والظاهر الأول فيكون الحامل على ترك التضرع قسوة قلوبهم وإعجابهم بأعمالهم التي كان الشيطان سبباً في تحسينها لهم.
الأنعام :( ٤٤ ) فلما نسوا ما.....
( فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكّرُواْ بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلّ شَىْء ( أي فلما تركوا الاتعاظ والازدجار بما ذكروا به من البأس استدرجناهم بتيسير مطالبهم الدنيوية وعبر عن ذلك بقوله :) فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلّ شَىْء ( إذ يقتضي شمول الخيرات وبلوغ الطلبات.
( حَتَّى إِذَا فَرِحُواْ بِمَا أُوتُواْ أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً ( معنى هذه الجمل معنى قوله ) وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ أَنَّمَا نُمْلِى لَهُمْ خَيْرٌ لاِنفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِى لَهُمْ لِيَزْدَادُواْ إِثْمَاً ( وفي الحديث الصحيح عن عقبة بن عامر أن النبي ( ﷺ ) ) قال :( إذا رأيتم الله تعالى يعطي العباد ما يشاؤون على معاصيهم فإنما ذلك استدراج منه لهم ثم تلا ) فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكّرُواْ بِهِ ( الآية، والأبواب استعارة عن الأسباب التي هيأها الله لهم المقتضية لبسط الرزق عليهم والإبهام في هذا العموم لتهويل ما فتح عليهم وتعظيمه وغياً الفتح بفرحهم بما أوتوا وترتب على فرحهم أخذهم بغتة أي إهلاكهم فجأة وهو أشد الإهلاك إذ لم يتقدم شعور به فتتوطن النفس على لقائه، ابتلاهم أولاً بالبأساء والضراء فلم يتعظوا ثم نقلهم إلى ما أوجب سرورهم من إسباغ النعم عليهم فلم يجد ذلك عندهم ولا قصدوا الشكر ولا أصغوا إلى إنابة بل لم يحصلوا إلا على فرح بما أسبغ عليهم. قال محمد بن النضر الحارثي : أمهل هؤلاء القوم عشرين سنة.
( فَإِذَا هُمْ مُّبْلِسُونَ ( أي باهتون بائسون لا يخبرون جواباً. وقرأ ابن عامر فتحنا بتشديد التاء والتشديد لتكثير الفعل وإذا هي الفجائية وهي حرف على مذهب الكوفيين وظرف مكان، ونسب إلى سيبويه وظرف زمان وهو مذهب الرياشي والعامل فيها إذا قلنا بظرفيتها هو خبر المبتدإ أي، ففي ذلك المكان ) هُمْ مُّبْلِسُونَ ( أي مكان إقامتهم وذلك الزمان ) هُمْ مُّبْلِسُونَ ( وأصل الإبلاس الإطراق لحلول نقمة أو زوال نعمة. قال الحسن : مكتئبون. وقال السدي : هالكون. وقال ابن كيسان : وقطرب : خاشعون. وقال ابن عباس : متحيرون. وقال الزجاج : متحسرون. وقال ابن جرير : الساكت عند انقطاع الحجة.
الأنعام :( ٤٥ ) فقطع دابر القوم.....
( فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ ( عبارة عن استئصالهم بالهلاك والمعنى : فقطع دابرهم ونبه على سبب الاستئصال بذكر الوصف الذي هو الظلم، وهو هنا الكفر والدابر التابع للشيء من خلفه يقال : دبر الوالد الولد يدبره، وفلان دبر القوم دبوراً ودبراً إذا كان آخرهم. وقال أمية بن أبي الصلت : فاستؤصلوا بعذاب خص دابرهم
فما استطاعوا له صرفاً ولا انتصروا


الصفحة التالية
Icon