" صفحة رقم ٩٥ "
زائدة لأن جعل كلمة من القرآن عبثاً باطلاً لا يليق ولا يصار إليه إلا عند الضرورة الشديدة. وأجيب بأن لفظ شيء أعم الألفاظ ومتى صدق الخاص صدق العامّ فمتى صدق كونه ذاتاً حقيقة وجب أن يصدق كونه شيئاً واحتج الجمهور بهذه الآية وتقريره أن المعنى أي الأشياء أكبر شهادة، ثم جاء في الجواب قل الله وهذا يوجب إطلاق شيء عليه واندراجه في لفظ شيء المراد به العموم ولو قلت أي الناس أفضل ؟ فقيل : جبريل لم يصح لأنه لم يندرج في لفظ الناس، وبقوله تعالى :) ( وذات كل شيء مثل نفسه نفسه فهذا تصريح بأنه تعالى لا يسمى باسم الشيء ولا يقال الكاف زائدة لأن جعل كلمة من القرآن عبثاً باطلاً لا يليق ولا يصار إليه إلا عند الضرورة الشديدة. وأجيب بأن لفظ شيء أعم الألفاظ ومتى صدق الخاص صدق العامّ فمتى صدق كونه ذاتاً حقيقة وجب أن يصدق كونه شيئاً واحتج الجمهور بهذه الآية وتقريره أن المعنى أي الأشياء أكبر شهادة، ثم جاء في الجواب قل الله وهذا يوجب إطلاق شيء عليه واندراجه في لفظ شيء المراد به العموم ولو قلت أي الناس أفضل ؟ فقيل : جبريل لم يصح لأنه لم يندرج في لفظ الناس، وبقوله تعالى :) كُلُّ شَىْء هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ ( والمراد بوجهه ذاته والمستثنى يجب أن يكون داخلاً تحت المستثنى منه فدل على أنه يطلق عليه شيء ولجهم أن يقول : هذا استثناء منقطع، والدليل الأول لم يصرح فيه بالجواب المطابق إذ قوله :) قُلِ اللَّهِ شَهِيدٌ بِيْنِى وَبَيْنَكُمْ ( مبتدأ وخبر ذي جملة مستقلة بنفسها لا تعلق لها بما قبلها من جهة الصناعة الإعرابية بل قوله :) أَىُّ شَىْء أَكْبَرُ شَهَادةً ( هو استفهام على جهة التقرير والتوقيف، ثم أخبر بأن خالق الأشياء والشهود هو الشهيد بيني وبينكم وانتظم الكلام من حيث المعنى فالجملة ليست جواباً صناعياً وإنما يتم ما قالوه لو اقتصر على قل الله، وقد ذهب إلى ذلك بعضهم فأعربه مبتدأ محذوف الخبر لدلالة ما تقدم عليه والتقدير قل الله أكبر شهادة ثم أضمر مبتدأ يكون شهيد خبراً له تقديره هو ) شَهِيدٌ بِيْنِى وَبَيْنَكُمْ ( ولا يتعين حمله على هذا، بل هو مرجوح لكونه أضمر فيه آخراً وأولاً والوجه الذي قبله لا إضمار فيه مع صحة معناه فوجب حمل القرآن على الراجح لا على المرجوح. وقال ابن عباس : قال الله لنبيه محمد ( ﷺ ) ) : قل لهم أي شيء أكبر شهادة فإن أجابوك وإلا فقل لهم :) اللَّهِ شَهِيدٌ بِيْنِى وَبَيْنَكُمْ ). وقال مجاهد : المعنى أن الله قال لنبيه : قل لهم :) أَىُّ شَىْء أَكْبَرُ شَهَادةً ( وقل لهم ) اللَّهِ شَهِيدٌ بِيْنِى وَبَيْنَكُمْ ( أي في تبليغي وكذبكم وكفركم. وقال ابن عطية : هذه الآية مثل قوله :) قُل لّمَن مَّا فِى السَّمَاوَاتِ وَالاْرْضَ قُل لِلَّهِ ( في أن استفهم على جهة التوقيف والتقريز، ثم بادر إلى الجواب إذ لا يتصوّر فيه مدافعة كما تقول لمن تخاصمه وتنظلم منه من أقدر في البلد ؟ ثم تبادر وتقول : السلطان فهو يحول بيننا، فتقدير الآية : قل لهم أيّ شيء أكبر شهادة هو شهيد بيني وبينكم، انتهى. وليست هذه الآية نظير قوله :) قُل لّمَن فِى السَّمَاوَاتِ وَالاْرْضَ قُل لِلَّهِ ( لأن لله يتعين أن يكون جواباً وهنا لا يتعين إذ ينعقد من قوله : قل الله شهيد بيني وبينكم ( مبتدأ وخبر وهو الظاهر، وأيضاً ففي هذه الآية لفظ شيء وقد تتوزع في إطلاقه على الله تعالى وفي تلك الآية لفظ من وهو يطلق على الله تعالى. قيل : معنى ) ( مبتدأ وخبر وهو الظاهر، وأيضاً ففي هذه الآية لفظ شيء وقد تتوزع في إطلاقه على الله تعالى وفي تلك الآية لفظ من وهو يطلق على الله تعالى. قيل : معنى ) أَكْبَرَ ( أعظم وأصح، لأنه لا يجري فيها الخطأ ولا السهو ولا الكذب. وقيل : معناها أفضل لأن مراتب الشهادات في التفضيل تتفاوت بمراتب الشاهدين وانتصب شهادة على التمييز. قال ابن عطية : ويصح على المفعول بأن يحمل أكبر على التشبيه بالصفة المشبهة باسم الفاعل ؛ انتهى. وهذا كلام عجيب لأنه لا يصح نصبه على المفعول ولأن أفعل من لا يشتبه بالصفة المشبهة باسم الفاعل، ولا يجوز في أفعل من أن يكون من باب الصفة المشبهة باسم الفاعل لأن شرط الصفة المشبهة باسم الفاعل أن تؤنث وتثنى وتجمع، وأفعل من لا يكون فيها ذلك وهذا منصوص عليه من النحاة فجعل ابن عطية المنصوب في هذا مفعولاً وجعل ) أَكْبَرَ ( مشبهاً بالصفة المشبهة وجعل منصوبه مفعولاً وهذا تخليط فاحش ولعله يكون من الناسخ لا من المصنف، ومعنى ) بَيْنِى وَبَيْنَكُمْ ( بيننا ولكنه لما أضيف إلى ياء المتكلم لم يكن بعد من إعادة بين وهو نظير قوله فأيي ما وأيك كان شرًّا. وكلاي وكلاك ذهب أن معناه فأينا وكلانا.
( وَأُوحِىَ قُلْ أَىُّ شَىْء أَكْبَرُ شَهَادةً قُلِ اللَّهِ ( قرأ الجمهور ) وَأُوحِىَ ( مبنياً للمفعول


الصفحة التالية
Icon