" صفحة رقم ٩٦ "
والقرآن مرفوع به. وقرأ عكرمة وأبو نهيك وابن السميقع والجحدري ) وَأُوحِىَ ( مبنياً للفاعل والقرآن منصوب به، والمعنى لأنذركم ولأبشركم فحذف المعطوف لدلالة المعنى عليه أو اقتصر على الإنذار لأنه في مقام تخويف لهؤلاء المكذبين بالرسالة المتخذين غير الله إلهاً، والظاهر وهو قول الجمهور إن ) مِنْ ( في موضع نصب عطفاً على مفعول ) لاِنذِرَكُمْ ( والعائد على ) مِنْ ( ضمير منصوب محذوف وفاعل ) بَلَغَ ( ضمير يعود على القرآن ( ومن بلغه هو أي ) ( ومن بلغه هو أي ) الْقُرْءانَ ( والخطاب في ) لاِنذِرَكُمْ بِهِ ( لأهل مكة. وقال مقاتل : ومن بلغه من العرب والعجم. وقيل : من الثقلين. وقيل : من بلغه إلى يوم القيامة، وعن سعيد بن جبير من بلغه القرآن فكأنما رأى محمداً ( ﷺ ) )، وفي الحديث :( من بلغه هذا القرآن فأنا نذيره، وقالت فرقة : الفاعل ب ) بَلَغَ ( عائد على ) مِنْ ( لا على ) الْقُرْءانَ ( والمفعول محذوف والتقدير ومن بلغ الحلم، ويحتمل أن يكون ) مِنْ ( في موضع رفع عطفاً على الضمير المستكن في ) لاِنذِرَكُمْ بِهِ ( وجاز ذلك للفصل بينه وبين الضمير بضمير المفعول وبالجار والمجرور أي ولينذر به من بلغه القرآن.
( قُلْ أَىُّ شَىْء أَكْبَرُ شَهَادةً قُلِ اللَّهِ ( قرىء ) إِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ ( بصورة الإيجاب فاحتمل أن يكون خبراً محضاً واحتمل الاستفهام على تقدير حذف أداته ويبين ذلك قراءة الاستفهام، فقرىء بهمزتين محققتين وبإدخال ألف بينهما وبتسهيل الثانية وبإدخال ألف بين الهمزة الأولى والهمزة المسهلة، روى هذه القراءة الأخيرة الأصمعي عن أبي عمرو ونافع، وهذا الاستفهام معناه التقريع لهم والتوبيخ والإنكار عليهم فإن كان الخطاب لأهل مكة فالآلهة الأصنام فإنهم أصحاب أوثان، وإن كان لجميع المشركين فالآلهة كل ما عبد غير الله تعالى من وثن أو كوكب أو نار أو آدمي وأخرى صفة لآلهة وصفة جمع ما لا يعقل كصفة الواحدة المؤنثة، كقوله :) مَأَرِبُ أُخْرَى الاْسْمَاء الْحُسْنَى ( ولما كانت الآلهة حجارة وخشباً أجريت هذا المجرى.
( قُل لاَّ أَشْهَدُ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَاهٌ واحِدٌ وَإِنَّنِى بَرِىء مّمَّا تُشْرِكُونَ ( أمره تعالى أن يخبرهم أنه لا يشهد شهادتهم وأمره ثانياً أن يفرد الله تعالى بالإلهية، وأن يتبرأ من إشراكهم وما أبدع هذا الترتيب أمر أولاً بأن يخبرهم بأنه لا يوافقهم في الشهادة ولا يلزم من ذلك إفراد الله بالألوهية فأمر به ثانياً ليجتمع مع انتفاء موافقتهم إثبات الوحدانية لله تعالى، ثم أخبر ثالثاً بالتبرؤ من إشراكهم وهو كالتوكيد لما قبله، ويحتمل أن لا يكون ذلك داخلاً تحت القول ويحتمل وهو الظاهر أن يكون داخلاً تحته فأمر بأن يقول الجملتين، فظاهر الآية يقتضي أنها في عبدة الأصنام وذكر الطبري أنها نزلت في قوم من اليهود وأسند إلى ابن عباس قال جاء النحام بن زيد وقردم بن كعب ومجزىء بن عمرو فقالوا : يا محمد ما تعلم مع الله إلهاً غيره فقال : لا إله إلا الله بذلك أمرت فنزلت الآية فيهم.
الأنعام :( ٢٠ ) الذين آتيناهم الكتاب.....
( الَّذِينَ ءاتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءهُمُ الَّذِينَ خَسِرُواْ أَنفُسَهُمْ فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ ( تقدم شرح الجملة الأولى في البقرة وشرح الثانية في هذه السورة من قريب، وقالوا هنا الضمير في ) يَعْرِفُونَهُ ( عائد على الرسول قاله قتادة والسدي وابن جريج والجمهور، ومنهم عمر بن الخطاب، أو على التوحيد وذلك لقرب قوله :) قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَاهٌ واحِدٌ ( وفيه استشهاد على كفرة قريش والعرب بأهل الكتاب أو على القرآن قاله فرقة لقوله :) وَأُوحِىَ قُلْ أَىُّ شَىْء ). وقيل يعود على جميع هذه الأشياء من التوحيد والرسول والقرآن، كأنه