" صفحة رقم ١٤٤ "
الغيبة، والمراد لله تعالى.
٢ ( ) إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَواةِ الدُّنْيَا كَمَآءٍ أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَآءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الاٌّ رْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالاٌّ نْعَامُ حَتَّى إِذَآ أَخَذَتِ الاٌّ رْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَآ أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَآ أَتَاهَآ أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِالاٌّ مْسِ كَذالِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ وَاللَّهُ يَدْعُوإِلَى دَارِ السَّلاَمِ وَيَهْدِى مَن يَشَآءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ( ) ) ٢
) إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَواةِ الدُّنْيَا كَمَاء أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاء فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الاْرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالاْنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ ( مناسبة هذه الآية لما قبلها أنه تعالى لما قال :) الْحَقّ ياأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنفُسِكُمْ مَّتَاعَ الْحَيَواةِ الدُّنْيَا ( ضرب مثلاً عجيباً غريباً للحياة الدنيا تذكر من يبغي فيها على سرعة زوالها وانقضائها، وأنها بحال ما تعز وتسر، تضمحل ويؤول أمرها إلى الفناء. وقال الزمخشري : هذا من التشبيه المركب، شبهت حال الدنيا في سرعة تقضها وانقراض نعيمها بعد الإقبال بحال نبات الأرض في جفافه وذهابه حطافاً بعدما التف وتكاثف وزين الأرض بخضرته ورفيفه انتهى. وإنما هنا ليست للحصر لا وضعاً ولا استعمااً لا، لأنه تعالى ضرب للحياة الدنيا أمثالاً غير هذا، والمثل هنا يحتمل أن يراد به الصفة، وأن يراد به القول السائر المشبه به حال الثاني بالأول. والظاهر تشبيه صفة الحياة الدنيا بماء فيما يكون به، ويترتب عليه من الانتفاع ثم الانقطاع. وقيل : شبهت الحياة الدنيا بالنبات على تلك الأوصاف، فيكون التقدير : كنبات ماء، فحذف المضاف. وقيل : شبهت الحياة بحياة مقدرة على هذه الأوصاف، فيكون التقدير : كحياة قوم بماء أنزلناه من السماء. قيل : ويقوي هذا قوله : وظن أهلها أنهم قادرون عليها. والسماء إما أن يراد من السحاب، وإما أن يراد من جهة السماء، والظاهر أن النبات اختلط بالماء. ومعنى الاختلاط : تشبثه به، وتلقفه إياه، وقبوله له، لأنه يجري له مجرى الغذاء، فتكون الباء للمصاحبة. وكل مخلطين يصح في كل منهما أن يقال : اختلط بصاحبه، فلذلك فسره بعضهم بقوله : خالطه الماء وداخله، فغذّى كل جزء منه. وقال الكرماني : فاختلط به اختلاط مجاورة، لأنّ الاختلاط تداخل الأشيائ بعضها في بعض انتهى. ولا يمنع اختلاط النبات بالماء على سبيل التداخل، فلا تقول : إنه اختلاط مجاورة. وقيل : اختلط اختلف وتنوع بالماء، وينبو لفظ اختلط عن هذا التفسير. وقيل : معنى اختلط تركب. وقيل : امتد وطال. وقال الزمخشري : فاشتبك بسببه حتى خالط بعضه بعضاً. وقال ابن عطية : وصلت فرقة النبات بقوله فاختلظ أي : اختلط النبات بعضه ببعض بسبب الماء انتهى. وعلى هذه الأقوال الباء في بماء للسببية، وأبعد من ذهب إلى أن الفاعل في قوله : فاختلط، هو ضمير يعود على الماء أي : فاختلط الماء بالأرض. ويقف هذا المذهب على قوله : فاختلط، ويستأنلف به نبات على الابتداء، والخبر المقدم. قال ابن عطية : يحتمل على هذا أن يعود الضمير في به على الماء وعلى الاختلاط الذي تضمنه الفعل انتهى. والوقف على قوله : فاختلط، لا يجوز وخاصة في القرآن لأنه تفكيك للكلام المتصل الصحيح المعنى، الفصيح اللفظ، وذهاب إلى اللغز والتعقيد، والمعنى الضعيف. ألا ترى أنه لو صرح بإظهار الاسم الذي الضمير في كناية عنه فقيل بالاختلاط نبات الأرض، أو بالماء نبات الأرض، لم يكد ينعقد كلاماً من مبتدأ وخبر لضعف هذا الإسناد وقربه من عدم الإفادة، ولولا أنّ ابن عطية ذكره وخرّجه على ما ذكرناه عنه لم نذكره في كتابنا. ولما كان النبات ينقسم إلى مأكول وغيره، بيّن أنّ المراد أحد القسمين بمن فقال : مما يأكل الناس، كالحبوب والثمار والبقول والأنعام، كالحشيش وسائر ما يرعى. قال الحوفي : مِن متعلقه باختلط. وقال أبو البقاء : مما