" صفحة رقم ٣٥٣ "
الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ ( سقط : بلقاء ربكم توقنون ) ( : هذه السورة مكية في قول : الحسن، وعكرمة، وعطاء، وابن جبير. وعن عطاء إلا قوله :) وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَسْتَ مُرْسَلاً ( وعن غيره إلا قوله :) هُوَ الَّذِى يُرِيكُمُ الْبَرْقَ ( إلى قوله :) لَهُ دَعْوَةُ الْحَقّ ( ومدنية في قوله : الكلبي، ومقاتل، وابن عباس، وقتادة، واستثنيا آيتين قالا : نزلتا بمكة وهما ) وَلَوْ أَنَّ قُرْانًا سُيّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ ( إلى آخرهما وعن ابن عباس إلا قوله :) وَلاَ يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ( إلى آخر الآية وعن قتادة مكية إلا قوله :) وَلاَ يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ( الآية حكاه المهدوي. وقيل : السورة مدنية حكاه القاضي منذر بن سعد البلوطي ومكي بن أبي طالب.
قال الزمخشري : تلك إشارة إلى آيات السورة، والمراد بالكتاب السورة أي : تلك آيات السورة الكاملة العجيبة في بابها. وقال ابن عطية : من قال حروف أوائل السور مثال الحروف المعجم قال : الإشارة هنا بتلك هي إلى حروف المعجم، ويصح على هذا أنْ يكون الكتاب يراد به القرآن، ويصح أن يراد به التوراة والإنجيل. والمر على هذا ابتداء، وتلك ابتداء ثان، وآيات خبر الثاني، والجملة خبر الأول انتهى. ويكون الرابط اسم الإشارة وهو تلك. وقيل : الإشارة بتلك إلى ما قص عليه من أنباء الرسل المشار إليه بقوله : تلك من أنباء الغيب، والذي قال : ويصح أن يراد به التوراة والإنجيل، هو قريب من قول مجاهد وقتادة، والإشارة بتلك إلى جميع كتب الله تعالى المنزلة. ويكون المعنى : تلك الآيات التي قصصت عليك خبرها هي آيات الكتاب الذي أنزلته قبل هذا الكتاب الذي أنزلته إليك. والظاهر أن قوله : والذي مبتدأ، والحق خبره، ومن ربك متعلق بانزل. وأجاز الحوفي أن يكون من ربك الخبر، والحق مبتدأ محذوف، أو هو خبر بعد خبر، أو كلاهما خبر واحد انتهى. وهو إعراب متكلف. وأجاز الحوفي أيضاً أن يكون والذي في موضع رفع عطفاً على آيات، وأجاز هو وابن عطية أن يكون والذي في موضع خفض. وعلى هذين الإعرابين يكون الحق خبر مبتدأ محذوف أي : هو الحق، ويكون والذي أنزل مما عطف فيه الوصف على الوصف وهما لشيء واحد كما تقول : جاءني الظريف العاقل وأنت تريد شخصاً واحداً. ومن ذلك قول الشاعر : إلى الملك القرم وابن الهام
وليث الكتيبة في المزدحم
وأجاز الحوفي أن يكون الحق صفة الذي يعني : إذا جعلت والذي معطوفاً على آيات.
وأكثر الناس قيل : كفار مكة لا يصدقون أن القرآن منزل من عند الله تعالى. وقيل : المراد به اليهود والنصارى، والأولى أنه عام. ولما ذكر انتفاء الإيمان عن أكثر الناس، ذكر عقيبه ما يدل على صحة التوحيد والمعاد وما يجذبهم إلى الإيمان فيما يفكر فيه العاقل ويشاهده من عظيم القدرة وبديع الصنع. والجلالة مبتدأ، والذي هو الخبر بدليل قوله تعالى :) وَهُوَ الَّذِى مَدَّ الاْرْضَ ( ويجوز أن يكون صفة. وقوله : يدبر الأمر يفصل الآيات خبراً بعد خبر، وينصره ما تقدمه من ذكر الآيات قاله الزمخشري. وقرأ الجمهور : عمد بفتحتين. وقرأ أبو حيوة، ويحيى بن وثاب : بضمتين، وبغير عمد في موضع الحال أي : خالية عن عمد. والضمير في ترونها عائد على السموات أي : تشاهدون السموات خالية عن عمد. واحتمل هذا الوجه أن يكون ترونها كلاماً مستأنفاً، واحتمل أن يكون جملة حالية أي : رفعها مرئية لكم بغير عمد. وهي حال مقدرة، لأنه حين رفعها لم نكن مخلوقين. وقيل : ضمير النصب في ترونها عائد على عمد أي : بغير عمد مرئية، فترونها صفة للعمد. ويدل على كنه صفة لعمد قراءة أبي : ترونه، فعاد الضمير مذكراً على لفظ عمد، إذ هو اسم جمع. قال أي ابن عطية : اسم جمع عمود والباب في جمعه عمد بضم الحروف الثلاثة كرسول ورسل انتهى. وهو وهم، وصوابه : بضم الحرفين، لأن الثالث هو حرف الإعراب فلا يعتبر ضمه في كيفية الجمع.