" صفحة رقم ٣٦١ "
) اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنثَى وَمَا تَغِيضُ الاْرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَىْء عِندَهُ بِمِقْدَارٍ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ سَوَاء مّنْكُمْ مَّنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِالَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ لَهُ مُعَقّبَاتٌ مّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيّرُواْ ( : مناسبة هذه الآية لما قبلها هو ما نبه عليه الزمخشري من أنه تعالى لما طلب الكفار أن ينزل على الرسول ( ﷺ ) ) آية وكم آية نزلت، أردف ذلك بذكر آيات علمه الباهر، وقدرته النافذة، وحكمته البليغة، وأن ما نزل عليه من الآيات كافية لمن تبصر، فلا يقترحون غيرها، وأنّ نزول الآيات إنما هو على ما يقدره الله تعالى. وقيل : مناسبة ذلك أنه لما تقدم إنكارهم البعث لتفرق الأجزاء واختلاط بعضها ببعض، بحيث لا يتهيأ الامتياز بينها، نبه على إحاط علمه، وأن من كان عالماً بجميع المعلومات هو قادر على إعادة ما أنشأ. وقيل : مناسبة ذلك أنهم لما استعجلوا بالسيئة نبه على علمه بجميع المعلومات، وأنه إنما نزل العذاب بحسب ما يعلم كونه مصلحة. قال ابن عطية : قص في هذا المثل المنبه عل قدرة الله القاضية بتجويز البعث، فمن ذلك الواحدة من الجنس التي هي مفاتيح الغيب يعني : التي لا يعلمها إلا هو، وما تحمله الإناث من النطفة من كل نوع من الحيوان. وهذا البدء يبين أنه لا يتعذر على القادر عليها الإعادة. والله يعلم : كلام مستأنف مبتدأ وخبر، ومن فسر الهادي بالله جاز أن يكون الله خبر مبتدأ محذوف أي : هو الله تعالى، ثم ابتدأ إخباراً عنه فقال : يعلم. ويعلم هنا متعدية إلى واحد، لأنه لا يراد هنا النسبة، إنما المراد تعلق بالمفردات. وما جوزوا أن تكون بمعنى الذي، والعائد عليها في صلاتها محذوف، ويكون تغيض متعدياً. وأن تكون مصدرية، فيكون تغيض وتزداد لا زمان. وسماع تعديتهما ولزومهما ثابت من كلام العرب. وأن تكون استفهاماً مبتدأ، وتحمل خبره ويعلم متعلقه، والجملة في موضع المفعول. وتحمل هنا من حمل البطن، لا من الحمل على الظهر. وفي مصحف أبي : ما تحمل كل أنثى، وما تضع وتحمل على التفسير، لأنها زيادة لم تثبت في سواد المصحف.
قال ابن عباس : تغيض تنقص من الخلقة، وتزداد تتم. وقال مجاهد : غيض الرحم أن ينهرق دماً على الحمل، فيضعف الولد في البطن ويسحب، فإذا بقي الولد في بطنها بعد تسعة أشهر مدة كمل فيها من خمسة وصحبه ما نقص من هراقة الدم، انتهى كلام ابن عباس. وقال عكرمة : تغيض بطهور الحيض في الحبل، وتزداد بدم النفاس بعد الوضع. وقال قتادة : الغيض السقط، والزيادة البقاء فوق تسعة أشهر. وقال الضحاك : غيض الرحم أن تسقط المرأة الولد، والزيادة إن تضعه لمدة كاملة تامة. وعن الضحاك أيضاً : الغيض النقص من تسعة أشهر، والزيادة إلى سنتين. وقيل : من عدد الأولاد، فقد تحمل واحداً، وقد تحمل أكثر. وقال الجمهور : غيض الرحم الدم على الحمل. قال الزمخشري : إن كانت ما موصولة فالمعنى : أن يعلم ما تحمل من الولد على أي حال هو من ذكورة وأنوثة، وتمام وخدج، وحسن وقبح، وطول وقصر، وغير ذلك من الأحوال الحاضرة المترقية. ويعلم ما تغيضه الأرحام تنقصه، وما تزداد أي تأخذه زائداً تقول : أخذت منه حقي وازددت منه كذا، ومنه :) وَازْدَادُواْ تِسْعًا ( ويقال : زدته فزاد بنفسه وازداد. وما تنقصه الرحم وتزداد عدد الولد، فإنها تشتمل على واحد، وقد تشتمل على اثنين وثلاثة وأربعة. ويروى أن شريكاً كان رابع أربعة في بطن أمه. ومنه جسد الولد، فإنه يكون تاماً ومخدجاً، ومنه مدة ولادته فإنها تكون أقل من تسعة أشهر، فما زاد عليها إلى سنة عند أبي حنيفة، وإلى أربع عند