" صفحة رقم ٣٠١ "
وقومه وأنها مندرجة تحت القول من قوله ) قَالَ بَل رَّبُّكُمْ ). وقيل : قال ذلك سرًّا من قومه وسمعه رجل واحد. وقيل : سمعه قوم من ضعفتهم ممن كان يسير في آخر الناس يوم خرجوا إلى العيد وكانت الأصنام سبعين. وقيل : اثنين وسبعين. وقرأ الجمهور ) تُوَلُّواْ مُدْبِرِينَ ( مضارع ولّى. وقرأ عيسى بن عمر ) تَوَلَّوْاْ ( فحذف إحدى التاءين وهي الثانية على مذهب البصريين. والأولى على مذهب هشام وهو مضارع تولى وهو موافق لقوله ) فَتَوَلَّوْاْ عَنْهُ مُدْبِرِينَ ( ومتعلق ) تَوَلَّوْاْ ( محذوف أي إلى عيدكم. وروي أن آزر خرج به في يوم عيد لهم فبدؤوا ببيت الأصنام فدخلوه وسجدوا لها ووضعوا بينها طعاماً خرجوا به معهم، وقالوا : لن ترجع بركة الآلهة على طعامنا فذهبوا، فلما كان في الطريق ثنى عزمه عن المسير معهم فقعد وقال : إني سقيم. وقال الكلبي : كان إبراهيم من أهل بيت ينظرون في النجوم، وكانوا إذا خرجوا إلى عيدهم لم يتركوا إلا مريضاً فأتاهم إبراهيم بالذي هم فيه فنظر قبل يوم العيد إلى السماء وقال لأصحابه : إني أشتكي غداً وأصبح معصوب الرأس فخرجوا ولم يتخلف أحد غيره، وقال ) وَتَاللَّهِ لاكِيدَنَّ ( إلى آخره وسمعه رجل فحفظه ثم أخبر به فانتشر انتهى.
الأنبياء :( ٥٨ ) فجعلهم جذاذا إلا.....
وفي الكلام حذف تقديره فتولوا إلى عيدهم فأتى إبراهيم الأصنام ) فَجَعَلَهُمْ جُذَاذاً ( قال ابن عباس : حطاماً. وقال الضحاك : أخذ من كل عضوين عضواً. وقيل : وكانت الأصنام مصطفة وصنم منها عظيم مستقبل الباب من ذهب وفي عينيه درتان مضيئتان فكسرها بفأس إلا ذلك الصنم وعلق الفأس في عنقه، وقيل : علقه في يده. وقرأ الجمهور ) جُذَاذاً ( بضم الجيم والكسائي وابن محيصن وابن مقسم وأبو حيوة وحميد والأعمش في رواية بكسرها، وابن عباس وأبو نهيك وأبو السماك بفتحها وهي لغات أجودها الضم كالحظام والرفات قاله أبو حاتم. وقال اليزيدي ) جُذَاذاً ( بالضم جمع جذاذة كزجاج وزجاجة. وقيل : بالكسر جمع جذيذ ككريم وكرام. وقيل : الفتح مصدر كالحصاد بمعنى المحصود فالمعنى مجذوذين. وقال قطرب في لغاته الثلاث هو مصدر لا يثنى ولا يجمع. وقرأ يحيى بن وثاب جذذاً بضمتين جمع جذيذ كجديد وجدد. وقرىء جُعذذاً بضم الجيم وفتح الذال مخففاً من فعل كسر رفي سرر جمع سرير وهي لغة لكلب، أو جمع جذة كقبة وقبب.
وأتى بضمير من يعقل في قوله ) فَجَعَلَهُمْ ( إذ كانت تعبد وقوله ) إِلاَّ كَبِيراً لَّهُمْ ( استثناء من الضمير في ) فَجَعَلَهُمْ ( أي فلم يكسر، والضمير في ) لَهُمْ ( يحتمل أن يعود على الأصنام وأن يعود على عباده، والكبر هنا عظم الجثة أو كبيراً في المنزلة عندهم لكونهم صاغوه من ذهب وجعلوا في عينيه جوهرتين تضيئان بالليل، والضمير في ) إِلَيْهِ ( عائد على إبراهيم أي فعل ذلك ترجياً منه أن يعقب ذلك رجعه إليه وإلى شرعه. قال الزمخشري : وإنما استبقى الكبير لأنه غلب في ظنه أنهم لا يرجعون إلا إليه لما تسامعوه من إنكار لدينهم وسبه لآلهتهم فيبكتهم بما أجاب به من قوله ) بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَاذَا فَاسْئَلُوهُمْ ). وقال ابن عطية : يحتمل أن يعود إلى الكبير المتروك ولكن يضعف ذلك دخول الترجي في الكلام انتهى وهو قول الكلبي. قال الزمخشري : ومعنى هذا لعلهم يرجعون إليه كما يرجع إلى العالم في حل المشكلات، فيقولون ما لهؤلاء مكسورة ومالك صحيحاً والفأس على عاتقك قال : هذا بناء على ظنه بهم لما جرب وذاق من مكابرتهم لعقولهم واعتقادهم في آلهتهم وتعظيمهم لها أو قاله مع علمه أنهم لا يرجعون إليه استهزاء بهم واستجهالاً، وإن قياس حال من يسجد له ويؤهل للعبادة أن يرجع إليه في حل المشكل فإن قلت : فإذا رجعوا إلى الصنم بمكابرتهم لعقولهم ورسوخ الإشراك في أعراقهم فأي فائدة دينية في رجوعهم إليه حتى يجعله إبراهيم صلوات الله عليه غرضاً ؟ قلت : إذا رجعوا إليه تبين أنه عاجز لا ينفع ولا يضر وظهر أنهم في عبادته على أمرعظيم.
( قَالُواْ مَن فَعَلَ هَاذَا بِئَالِهَتِنَا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ قَالُواْ سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْراهِيمُ قَالُواْ قَالُواْ فَأْتُواْ بِهِ عَلَى أَعْيُنِ النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ قَالُواْ ءأَنْتَ فَعَلْتَ هَاذَا بِئَالِهَتِنَا يإِبْراهِيمُ قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَاذَا فَاسْئَلُوهُمْ إِن كَانُواْ يِنْطِقُونَ فَرَجَعُواْ إِلَى أَنفُسِهِمْ فَقَالُواْ إِنَّكُمْ أَنتُمُ الظَّالِمُونَ ثُمَّ نُكِسُواْ عَلَى رُءوسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلاء يَنطِقُونَ قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لاَ يَنفَعُكُمْ شَيْئاً وَلاَ يَضُرُّكُمْ أُفّ لَّكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ ).
الأنبياء :( ٥٩ ) قالوا من فعل.....
في الكلام محذوف تقديره : فلما