" صفحة رقم ٣٨٨ "
تعظيماً كما أخبر عن نفسه بنون الجماعة في غير موضع. وقال الشاعر :
فإن شئت حرمت النساء سواكم
وقال آخر
ألا فارحموني يا إله محمد
وإما استغاث أولاً بربه وخاطب ملائكة العذاب وقاله ابن جريج. والظاهر أن الضمير في ) أَحَدِهِمْ ( راجع إلى الكفار، ومساق الآيات إلى آخرها يدل على ذلك. وقال ابن عباس : من لم يزك ولم يحج سأل الرجعة. فقيل له ذلك للكفار فقرأ مستدلاً لقوله ) وَأَنفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ ( آية سورة المنافقين. وقال الأوزاعي : هو مانع الزكاة، وجاء الموت أي حضر وعاينه الإنسان فحينئذ يسأل الرجعة إلى الدنيا وفي الحديث :( إذا عاين المؤمن الموت قالت له الملائكة : نرجعك فيقول إلى دار الهموم والأحران بل قدما إلى الله، وأما الكافر فيقول :( ارجعون لعلي أعمل صالحاً ).
ومعنى ) فِيمَا تَرَكْتُ ( في الإيمان الذي تركته والمعنى لعلي آتى بما تركته من الإيمان وأعمل فيه صالحاً كما تقول : لعلي أبني على أس، يريد أؤس أساً وأبني عليه. وقيل :) فِى مَا تَرَكْتُ ( من المال على ما فسره ابن عباس :
المؤمنون :( ١٠١ ) فإذا نفخ في.....
( كَلاَّ ( كلمة ردع عن طلب الرجعة وإنكار واستبعاد. فقيل : هي من قول الله لهم. وقيل : من قول من عاين الموت يقول ذلك لنفسه على سبيل التحسر والندم، ومعنى ) هُوَ قَائِلُهَا ( لا يسكت عنها ولا ينزع لاستيلاء الحسرة عليه، أو لا يجد لها جدوى ولا يجاب لما سأل ولا يغاث ) وَمِن وَرَائِهِمْ ( أي الكفار ) بَرْزَخٌ ( حاجز بينهم وبين الرجعة إلى وقت البعث. وفي هذه الجملة اقناط كلي أن لا رجوع إلى الدنيا، وإنما الرجوع إلى الآخرة استعير البرزخ للمدة التي بين موت الإنسان وبعثه.
وقرأ ابن عباس والحسن وابن عياض ) فِى الصُّورِ ( بفتح الواو جمع صورة، وأبو رزين بكسر الصاد وفتح الواو، وكذا فأحسن صوركم وجمع فعلة بضم الفاء على فعل بكسر الفاء شاذ. ) فَلاَ أَنسَابَ ( نفي عام، فقال ابن عباس : عند النفخة الأولى يموت الناس فلا يكون بينهم نسب في ذلك الوقت وهم أموات، وهذا القول يزبل هول الحشر. وقال ابن مسعود وغيره : عند قيام الناس من القبور فلهول المطلع اشتغل كل امرىء بنفسه فانقطعت الوسائل وارتفع التفاخر والتعاون بالأنساب. وعن قتادة : ليس أحد أبغض إلى الإنسان في ذلك اليوم ممن يعرف لأنه يخاف أن يكون له عنده مظلمة، وفي ذلك اليوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه. وقيل :) فَلاَ أَنسَابَ ( أي لا تواصل بينهم حين افتراقهم إلى ما أعدّ لهم من ثواب وعقاب، وإنما التواصل بالأعمال.
وقرأ عبد الله ولا يساءلون بتشديد السين أدغم التاء في السين إذ أصله ) يَتَسَاءلُونَ ( ولا تعارض بين انتفاء التساؤل هنا وبين إثباته في قوله ) وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءلُونَ ( لأن يوم القيامة مواطن ومواقف، ويمكن أن يكون انتفاء التساؤل عند النفخة الأولى، وأما في الثانية فيقع التساؤل.
المؤمنون :( ١٠٢ - ١٠٣ ) فمن ثقلت موازينه.....
وتقدم الكلام في الموازين وثقلها وخفتها في أوائل الأعراف. وقال الزمخشري ؛ ) فِى جَهَنَّمَ خَالِدُونَ ( بدل من خسروا أنفسهم ولا محل للبدل والمبدل منه لأن الصلة لا محل لها أو خبر بعد خبر لأولئك أو خبر مبتدأ محذوف انتهى. جعل ) فِى جَهَنَّمَ ( بدلاً ) مِنْ خَسِرُواْ ( وهذا بدل غريب، وحقيقته أن يكون البدل الفعل الذي يتعلق به ) فِى جَهَنَّمَ ( أي استقروا في جهنم، وكأنه من بدل الشيء من الشيء وهما لمسمى واحد على سبيل المجاز لأن من خسر نفسه استقر في جهنم. وأجاز أبو البقاء أن يكون ) الَّذِينَ ( نعتاً لأولئك، وخبر ) أُوْلَائِكَ ( ) فِى جَهَنَّمَ ( والظاهر أن