" صفحة رقم ٣٨٩ "
يكون خبراً لأولئك لا نعتاً.
المؤمنون :( ١٠٤ ) تلفح وجوههم النار.....
وخص الوجه باللفح لأنه أشرف ما في الإنسان، والإنسان أحفظ له من الآفات من غيره من الأعضاء، فإذا لفح الأشرف فما دونه ملفوح. ولما ذكر إصابة النار للوجه ذكر الكلوح المختص ببعض أعضاء الوجه وفي الترمذي تتقلص شفته العليا حتى تبلغ وسط رأسه، وتسترخي شفته السفلى حتى تضرب سرته قال هذا حديث حسن صحيح. وقرأ أبو حيوة وأبو بحرية وابن أبي عبلة كلحون بغير ألف.
( أَلَمْ تَكُنْ ءايَاتِى تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ بِهَا تُكَذّبُونَ قَالُواْ رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْماً ضَالّينَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ قَالَ اخْسَئُواْ فِيهَا وَلاَ تُكَلّمُونِ إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مّنْ عِبَادِى يَقُولُونَ رَبَّنَا ءامَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرحِمِينَ فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيّاً حَتَّى أَنسَوْكُمْ ذِكْرِى وَكُنْتُمْ مّنْهُمْ تَضْحَكُونَ إِنِى جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُواْ أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِى الاْرْضِ عَدَدَ سِنِينَ قَالُواْ لَبِثْنَا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْأَلِ الْعَادّينَ قَالَ إِن لَّبِثْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً لَّوْ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لاَ تُرْجَعُونَ فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لاَ إِلَاهَ إِلاَّ هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ وَمَن يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهَا ءاخَرَ لاَ بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبّهِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ وَقُل ).
المؤمنون :( ١٠٥ ) ألم تكن آياتي.....
يقول الله لهم على لسان من يشاء من ملائكته ) أَلَمْ تَكُنْ ءايَاتِى ( وهي القرآن،
المؤمنون :( ١٠٦ ) قالوا ربنا غلبت.....
ولما سمعوا هذا التقرير أذعنوا وأقروا على أنفسهم بقولهم ) غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا ( من قولهم : غلبني فلان على كذا إذا أخذه منك وامتلكه، والشقاوة سوء العاقبة. وقيل : الشقوة الهوى وقضاء اللذات لأن ذلك يؤدي إلى الشقوة. أطلق اسم المسبب على السبب قاله الجبائي. وقيل : ما كتب علينا في اللوح المحفوظ وسبق به علمك. وقرأ عبد الله والحسن وقتادة وحمزة والكسائي والمفضل عن عاصم وأبان والزعفراني وابن مقسم : شقاوتنا بوزن السعادة وهي لغة فاشية، وقتادة أيضاً والحسن في رواية خالد بن حوشب عنه كذلك إلاّ أنه بكسر الشين، وباقي السبعة والجمهور بكسر الشين وسكون القاف وهي لغة كثيرة في الحجاز. قال الفراء : أنشدني أبو ثروان وكان فصيحاً : علق من عنائه وشقوته
بنت ثماني عشرة من حجته
وقرأ شبل في اختياره بفتح الشين وسكون القاف. ) وَكُنَّا قَوْماً ضَالّينَ ( أي عن الهدى،
المؤمنون :( ١٠٧ ) ربنا أخرجنا منها.....
ثم تدرجوا من الإقرار إلى الرغبة والتضرع وذلك أنهم أقروا والإقرار بالذنب اعتذار، فقالوا ) رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا ( أي من جهنم ) فَإِنْ عُدْنَا ( أي إلى التكذيب واتخاذ آلهة وعبادة غيرك ) فَإِنَّا ظَالِمُونَ ( أي متجاوز والحد في العدوان حيث ظلمنا أنفسنا أولاً ثم سومحنا فظلمنا ثانياً. وحكى الطبري حديثاً طويلاً في مقاولة تكوين بين الكفار وبين مالك خازن النار، ثم بينهم وبين ربهم جل وعز وآخرها
المؤمنون :( ١٠٨ ) قال اخسؤوا فيها.....
( قَالَ اخْسَئُواْ فِيهَا وَلاَ تُكَلّمُونِ ( قال وتنطبق عليهم جهنم ويقع اليأس ويبقون ينبح بعضهم في وجه بعض. قال ابن عطية : واختصرت ذلك الحديث لعدم صحته، لكن معناه صحيح ومعنى ) اخسؤوا ( أي ذلوا فيها وانزجروا كما تنزجر الكلاب إذا ازجرت، يقال : خسأت الكلب وخسأ هو بنفسه يكون متعدياً ولازماً. و ) لا تُكَلّمُونِ ( أي في رفع العذاب أو تخفيفه. قيل : هو آخر كلام يتكلمون به ثم لا كلام بعد ذلك إلاّ الشهيق والزفير والعواء كعواء الكلاب لا يفهمون.
المؤمنون :( ١٠٩ ) إنه كان فريق.....
( إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مّنْ عِبَادِى يَقُولُونَ رَبَّنَا ءامَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرحِمِينَ ). قرأ أبيّ وهارون العتكي ) أَنَّهُ ( بفتح الهمزة أي لأنه، والجمهور بكسرها والهاء ضمير الشأن وهو محذوف مع أن المفتوحة الهمزة والفريق هنا هم المستضعفون من المؤمنين، وهذه الآية مما يقال للكفار على جهة التوبيخ، ونزلت في كفار قريش مع صهيب وعمار وبلال ونظرائهم، ثم هي عامة فيمن جرى مجراهم قديماً وبقية الدهر.
المؤمنون :( ١١٠ ) فاتخذتموهم سخريا حتى.....
وقرأ حمزة والكسائي ونافع ) سِخْرِيّاً ( بضم السين وباقي السبعة بالكسر. قال الزمخشري : مصدر سخر كالسخر إلاّ أن في ياء النسب زيادة قوة في الفعل، كما قيل : الخصوصية في الخصوص وهما بمعنى الهزء في قول الخليل وأبي زيد الأنصاري وسيبويه. وقال أبو