" صفحة رقم ٣٩٤ "
وزيد بن خالد، واختلفوا في التغريب بنفي البكر بعد الجلد. وقال الثوري والأوزاعي والحسن بن صالح والشافعي ينفي الزاني. وقال الأوزاعي ومالك : ينفي الرجل ولا تنفى المرأة قال مالك : ولا ينفي العبد نصف سنة، والظاهر أن هذا الجلد إنما هو على من ثبت عليه الزنا فلو وجدا في ثوب واحد فقال إسحاق يضرب كل واحد منهما مائة جلدة، وروي عن عمر وعليّ. وقال عطاء والثوري ومالك وأحمد : يؤدبان على مذاهبهم في الأدب، وأما الإكراه فالمكرهة لا حد عليها وفي حد الرجل المكره خلاف وتفصيل بين أن يكرهه سلطان فلا يحد أو غيره فيحد، وهو قول أبي حنيفة وقول أبي يوسفض ومحمد والحسن بن صالح والشافعي لا يحد في الوجهين، وقول زفر يحد فيهما جميعاً. والظاهر أنه لا يندرج في الزنا من أتى امرأة من دبرها ولا ذكراً ولا بهيمة. وقيل : يندرج والمأمور بالجلد أئمة المسلمين ونوابهم. واختلفوا في إقامة الخارجي المتعلب الحدود. فقيل له ذلك. وقيل : لا وفي إقامة السيد على رقيقه. فقال ابن مسعود وابن عمر وعائشة وفاطمة والشافعي : له ذلك. وقال أبو حنيفة ومحمد وزفر : لا، وقال مالك والليث : له ذلك إلاّ في القطع في السرقة فإنما يقطعه الإمام، والجلد كما قلنا ضرب الجلد ولم تتعرض الآية لهيئة الجالد ولا هيئة المجلود ولا لمحل الجلد ولا لصفة الآلة المجلود بها وذلك مذكور في كتب الفقه.
وقال الزمخشري : فإن قلت : هذا حكم جميع الزناة والزواني أم حكيم بعضهم ؟ قلت : بل هو حكم من ليس بمحصن منهم، فإن المحصن حكمه الرجم فإن قلت : اللفظ يقتضي تعليق الحكم بجميع الزناة والزواني لأن قوله ) الزَّانِيَةُ وَالزَّانِى ( عام في الجميع يتناوله المحصن وغير المحصن قلت :) الزَّانِيَةُ وَالزَّانِى ( بدلان على الجنسين المنافيين لجنسي العفيف والعفيفة دلالة مطلقة، والجنسية قائمة في الكل والبعض جميعاً فأيهما قصد المتكلم فلا عليه كما يفعل بالأسم المشترك انتهى. وليست دلالة اللفظ على الجنسين كما ذكر دلالة مطلقة لأن دلالة عموم الاستغراق مباينة لدلالة عموم البدل وهو الإطلاق، وليست كدلالة المشترك لأن دلالة العموم هي كل فرد فرد على سبيل الاستغراق، ودلالة المشترك تدل على فرد فرد على الاستغراق أعني في الاستعمال وإن كان في ذلك خلاف في أصول الفقه، لكن ما ذكرته هو الذي يصح في النظر واستعمال كلام العرب.
وقرأ عليّ بن أبي طالب والسلمي وابن مقسم وداود بن أبي هند عن مجاهد : ولا يأخذكم بالياء لأن تأنيث الرأفة مجاز وحسن ذلك الفصل. وقرأ الجمهور بالتاء الرأفة لفظاً. وقرأ الجمهور ) رَأْفَةٌ ( بسكون الهمزة وابن كثير بفتحها وابن جريج بألف بعد الهمزة. وروي هذا عن عاصم وابن كثير، وكلها مصادر أشهرها الأول والرأفة المنهي أن تأخذ المتولين إقامة الحد. قال أبو مجلز ومجاهد وعكرمة وعطاء : هي في إسقاط الحد، أي أقيموه ولا يدرأ هذا تأويل ابن عمر وابن جبير وغيرهما. ومن مذهبهم أن الحد في الزنا والفرية والخمر على نحو واحد. وقال قتادة وابن المسيب وغيرهما : الرأفة المنهي عنها هي في تخفيف الضرب على الزناة، ومن رأيهم أن يخفف ضرب الفرية والخمر ويشدد ضرب الزنا.
وقال الزمخشري : والمعنى أن الواجب على المؤمنين أن يتصلبوا في دين الله ويستعملوا الجد والمتانة فيه، ولا يأخذهم اللين والهوادة في استبقاء حدوده انتهى. فهذا تحسين قول أبي مجلز ومن وافقه. وقال الزهري : يشدّد في الزنا والفرية ويخفف في حد الشرب.
وقال مجاهد والشعبي وابن زيد : في الكلام حذف تقديره ) وَلاَ تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ ( فتعطلوا الحدود ولا تقيموها. والنهي في الظاهر للرأفة والمراد ما تدعو إليه الرأفة وهو تعطيل الحدود أو نقصها ومعنى ) فِى دِينِ اللَّهِ ( في الإخلال بدين الله أي بشرعه. قيل : ويحتمل أن يكون الدين بمعنى الحكم ) إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الاْخِرِ ( تثبيت وحض وتهييج للغضب لله ولدينه، كما تقول : إن كنت رجلاً فافعل، وأمر تعالى بحضور جلدهما طائفة إغلاظاً على الزناة وتوبيخاً لهم بحضرة الناس، وسمى الجلد عذاباً إذ فيه إيلام وافتضاح وهو عقوبة على ذلك الفعل، والطائفة المأمور بشهودها ذلك يدل


الصفحة التالية
Icon