" صفحة رقم ٤٠٤ "
وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلْطَّيِّبَاتِ أُوْلَائِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ ( )
النور :( ٢١ ) يا أيها الذين.....
تقدم الكلام على ) خُطُواتِ الشَّيْطَانِ ( تفسيراً وقراءة في البقرة. والضمير في ) فَإِنَّهُ ( عائد على ) مِنْ ( الشرطية، أي فإن متبع خطوات الشيطان ) يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء ( وهو ما أفرط قبحه ) وَالْمُنْكَرِ ( وهو ما تنكره العقول السليمة أي يصير رأساً في الضلال بحيث يكون آمراً يطيعه أصحابه.
( وَلَوْ لا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ ( بالتوبة الممحصة ما طهر أحد منكم. وقرأ الجمهور ) مَا زَكَى ( بتخفيف الكاف، وأمال حمزة والكسائي وأبو حيوة والحسن والأعمش وأبو جعفر في رواية وروح بتشديدها، وأماله الأعمش وكبت ) زَكَى ( المخفف بالياء وهو من ذوات الواو على سبيل الشذوذ لأنه قد يمال، أو على قراءة من شد الكاف. ) وَلَاكِنَّ اللَّهَ يُزَكّى مَن يَشَاء ( ممن سبقت له السعادة، وكان علمه الصالح أمارة على سبقها أو من يشاء بقبول التوبة النصوح ) وَاللَّهُ سَمِيعٌ ( لأقوالهم ) عَلِيمٌ ( بضمائرهم.
النور :( ٢٢ ) ولا يأتل أولوا.....
( وَلاَ يَأْتَلِ ( هو مضارع ائتلى افتعل من الألية وهي الحلف. وقيل : معناه يقصر من افتعل ألوت قصرت ومنه ) لاَ يَأْلُونَكُمْ ). وقول الشاعر : وما المرء ما دامت حشاشة نفسه
بمدرك أطراف الخطوب ولا آل وهذا قول أبي عبيدة، واختاره أبو مسلم. وسبب نزولها المشهور أنه حلف أبي بكر على مسطح أن لا ينفق عليه ولا ينفعه بنافعة. وقال ابن عياش والضحاك : قطع جماعة من المؤمنين منافعهم عمن قال في الإفك، وقالوا : لا نصل من تكلم فيه فنزلت في جميعهم. والآية تتناول من هو بهذا الوصف. وقرأ الجمهور ) يَأْتَلِ ). وقرأ عبد الله بن عياش بن ربيعة وأبو جعفر مولاه وزيد بن أسلم والحسن يتأل مضارع تألى بمعنى حلف. قال الشاعر :
تألى ابن أوس حلفة ليردّني
إلى نسوة كأنهن معائد
والفضل والسعة يعني المال، وكان مسطح ابن خالة أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وكان من المهاجرين وممن شهد بدراً، وكان ما نسب إليه داعياً أبا بكر أن لا يحسن إليه، فأمر هو ومن جرى مجراه بالعفو والصفح، وحين سمع أبو بكر ) أَلاَ تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ ( ؟ قال : بلى، أحب أن يغفر الله لي ورد إلى مسطح نفقته وقال : والله لا أنزعها أبداً. وقرأ أبو حيوة وابن قطيب وأبو البرهثيم أن تؤتوا بالتاء على الالتفات، ويناسبه ) أَلاَ تُحِبُّونَ ( و ) أَن يُؤْتُواْ ( نصب الفعل المنهي فإن كان بمعنى الحلف فيكون التقدير كراهة ) أَن يُؤْتُواْ ( وأن لا يؤتوا فحذف لا، وإن كان بمعنى يقصر فيكون التقدير في أن يؤتوا أو عن أن يؤتوا. وقرأ عبد الله والحسن وسفيان بن الحسين وأسماء بنت يزيد ولتعفوا ولتصفحوا بالتاء أمر خطاب للحاضرين.
النور :( ٢٣ ) إن الذين يرمون.....
( إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ ( عام في الرامين واندرج فيه الراميان تغليباً للمذكر على المؤنث. و ) الْمُحْصَنَاتِ ( ظاهره أنه عام في النساء العفائف. وقال النحاس : من أحسن ما قيل فيه أنه عام لجميع الناس من ذكر وأنثى، وأن التقدير يرمون الأنفس ) الْمُحْصَنَاتِ ( فيدخل فيه المذكر والمؤنث. وقيل : هو خاص بمن تكلم فيها في حديث الإفك. وقيل : خاص بأمهات المؤمنين وكبراهن منزلة وجلالة تلك فعلى أنه خاض بها جمعت إرادة لها ولبناتها من نساء الأمة الموصوفات بتلك الصفات من الإحصان والعقل والإيمان كما قال :
قدني من نصر الخبيبن قدي
يعني عبد الله بن


الصفحة التالية
Icon