" صفحة رقم ٤٣٤ "
فيما به البلوغ وهي مسألة تذكر في الفقه. كذلك الإشارة إلى ما تقدم ذكره من استئذان المماليك وغير البلغ.
النور :( ٦٠ ) والقواعد من النساء.....
ولما أمر تعالى النساء بالتحفظ من الرجال ومن الأطفال غير البلغ في الأوقات التي هي مظنة كشف عورتهن استثنى ) الْقَوَاعِدَ مِنَ النّسَاء ( اللاتي كبرن وقعدن عن الميل إليهن والافتتان بهن فقال ) وَالْقَوَاعِدُ ( وهو جمع قاعد من صفات الإناث. وقال ابن السكيت : امرأة قاعد قعدت عن الحيض. وقال ابن قتيبة : سُميِّن بذلك لأنهن بعد الكبر يكثرن القعود. وقال ربيعة لقعودهن عن الاستمتاع بهن فأيسن ولم يبق لهن طمع في الأزواج. وقيل قعدن عن الحيض والحبل. و ) ثِيَابَهُنَّ ( الجلباب والرداء والقناع الذي فوق الخمار والملاء الذي فوق الثياب أو الخمر أو الرداء والخمار أقوال، ويقال للمرأة إذا كبرت امرأة واضع أي وضعت خمارها. ) غَيْرَ مُتَبَرّجَاتِ بِزِينَةٍ ( أي غير متظاهرات بالزينة لينظر إليهن، وحقيقة التبرج إظهار ما يجب إخفاؤه أو غير قاصدات التبرج بالوضع، ورب عجوز يبدو منها الحرص على أن يظهر بها جمال.
( وَأَن يَسْتَعْفِفْنَ ( عن وضع الثياب ويتسترن كالشباب أفضل لهن. ) وَاللَّهُ سَمِيعٌ ( لما يقول كل قائل ) عَلِيمٌ ( بالمقاصد. وفي ذكر هاتين الصفتين توعد وتحذير.
النور :( ٦١ ) ليس على الأعمى.....
عن ابن عباس لما نزل ) وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ ( تحرج المسلمون عن مواكلة الأعمى لأنه لا يبصر موضع الطعام الطيب، والأعرج لأنه لا يستطيع المزاحمة على الطعام، والمريض لأنه لا يستطيع استيفاء الطعام فأنزل الله هذه الآية قيل : وتحرجوا عن أكل طعام القرابات فنزلت مبيحة جميع هذه المطاعم ومبينة أن تلك إنما هي في التعدي والقمار وما يأكله المؤمن من مال من يكره أهله أو بصفقة فاسدة ونحوه. وقال عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود وابن المسيب كانوا إذا نهضوا ءلى الغزو وخلفوا أهل العذر في منازلهم وأموالهم تحرجوا من أكل مال الغائب فنزلت مبيحة لهم ما تمس إليه حاجتهم من مال الغائب إذا كان الغائب قد بنى على ذلك. وقال مجاهد : كان الرجل إذا ذهب بأهل العذر إلى بيته فلم يجد فيه شيئاً ذهب بهم إلى بيوت قراباته فتحرج أهل الأعذار من ذلك فنزلت. وقيل : كانت العرب ومن بالمدينة قبل البعث تجتنب الأكل مع أهل هذه الأعذار فبعضهم تقذراً لمكان جولان يد الأعمى، ولانبساط الجلسة مع الأعرج، ولرائحة المريض وهي أخلاق جاهلية وكبر. فنزلت واستبعد هذا لأنه لو كان هذا السبب لكان التركيب ليس عليكم حرج أن تأكلوا معهم ولم يكن ) لَّيْسَ عَلَى الاْعْمَى حَرَجٌ ( وأجاب بعضهم : بأن ) عَلَى ( في معنى أي في مواكلة الأعمى وهذا بعيد جداً. وفي كتاب الزهراوي عن ابن عباس أن أهل هذه الأعذار تحرجوا في الأكل مع الناس من أجل عذرهم فنزلت. وعلى هذه الأقوال كلها يكون نفي الحرج عن أهل العذر ومن بعدهم في المطاعم. وقال الحسن وعبد الرحمن بن زيد الحرج المنفي عن أهل العذر هو في القعود عن الجهاد وغيره مما رخص لهم فيه، والحرج المنفي عمن بعدهم في الأكل مما ذكر وهو مقطوع مما قبله إذ متعلق الحرجين مختلف. وإن كان قد اجتمعا في انتفاء الحرج. وهذا القول هو الظاهر. ولم يذكر بيوت الأولاد اكتفاء بذكر بيوتكم لأن ولد الرجل بعضه وحكمه حكم نفسه، وبيته بيته. وفي الحديث ( إن أطيب ما يأكل المرء من كسبه وإن ولده من كسبه ).
ومعنى ) مِن بُيُوتِكُمْ ). من البيوت التي فيها أزواجكم وعيالكم، والولد أقرب من عدد من القرابات فإذا كان سبب الرخصة هو القرابة كان الذي هو أقرب منهم أولى. وقرأ طلحة إمهاتكم بكسر الهمزة. ) أَوْ مَا مَلَكْتُم ). قال ابن عباس : هو وكيل الرجل أن يتناول من التمر ويشرب من اللبن. وقال قتادة : العبد لأن ماله لك. وقال مجاهد والضحاك : خزائن بيوتكم إذا ملكتم مفاتيحها. وقال ابن جرير : الزمنى ملكوا التصرف في البيوت التي سلمت إليهم مفاتيحها. وقيل : ولي اليتيم يتناول من ماله بقدر مّا قال تعالى ) فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَن كَانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ ( ومفاتحه بيده.
وقرأ الجمهور ) مَلَكْتُم ( بفتح الميم واللام خفيفة. وقرأ ابن جبير بضم الميم وكسر اللام مشددة، والجمهور ) مَّفَاتِحهُ ( جمع مفتح وابن جبير مفاتيحه جمع مفتاح، وقتادة وهارون عن أبي عمرو مفتاحه مفرداً. ) أَوْ صَدِيقِكُمْ ( قرىء بكسر الصاد إتباعاً لحركة الدال حكاه حميد الخزاز، قرن الله الصديق بالقرابة المحضة. قيل لبعضهم : من أحب إليك أخوك أم صديقك ؟ فقال : لا أحب أخي إلاّ إذا كان صديقي. وقال معمر : قلت لقتادة ألا أشرب من هذا


الصفحة التالية
Icon