" صفحة رقم ٩٥ "
العباد أو لينذركم. والزمخشري قدره خاصاً قال : وأصله ) لّيُنذِرَ ( الذين كفروا ) بَأْسًا شَدِيدًا (، والبأس من قوله ) بِعَذَابٍ بَئِيسٍ ( وقد بؤس العذاب وبؤس الرجل بأساً وبأسة انتهى. وكأنه راعي في تعيين المحذوف مقابلة وهو ) وَيُبَشّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ ( والبأس الشديد عذاب الآخرة ويحتمل أن يندرج فيه ما يلحقهم من عذاب الدنيا.
ومعنى من ) لَّدُنْهُ ( صادر من عنده. وقرأ أبو بكر بسكون الدال وإشمامها الضم وكسر النون، وتقدّم الكلام عليها في أول هود. وقرىء ) وَيُبَشّرُ ( بالرفع والجمهور بالنصب عطفاً على ) لّيُنذِرَ ( والأجر الحسن الجنة،
الكهف :( ٣ ) ماكثين فيه أبدا
ولما كنى عن الجنة بقوله ) أَجْرًا حَسَنًا ( قال :) مَّاكِثِينَ فِيهِ ( أي مقيمين فيه، فجعله ظرفاً لإقامتهم، ولما كان المكث لا يقتضي التأبيد قال ) أَبَدًا ( وهو ظرف دال على زمن غير متناه، وانتصب ) مَّاكِثِينَ ( على الحال وذو الحال هو الضمير في ) لَهُمْ (
الكهف :( ٤ - ٥ ) وينذر الذين قالوا.....
والذين نسبوا الولد إلى الله تعالى بعض اليهود في عزير، وبعض النصارى في المسيح، وبعض العرب في الملائكة، والضمير في ) بِهِ ( الظاهر أنه عائد على الولد الذي ادّعوه. قال المهدوي : فتكون الجملة صفة للولد. قال ابن عطية : وهذا معترض لأنه لا يصفه إلاّ القائل وهم ليس قصدهم أن يصفوه، والصواب عندي أنه نفى مؤتنف أخبر الله تعالى به بجهلهم في ذلك، ولا موضع للجملة من الإعراب ويحتمل أن يعود على الله تعالى، وهذا التأويل أذم لهم وأقضى في الجهل التام عليهم وهو قول الطبري انتهى.
قيل : والمعنى ) مَّا لَهُم ( بالله ) مِنْ عِلْمٍ ( فينزهوه عما لا يجوز عليه، ويحتمل أن يعود على القول المفهوم من ) قَالُواْ ( أي ) مَّا لَهُم ).
بقولهم هذا ) مِنْ عِلْمٍ ( فالجملة في موضع الحال أي ) قَالُواْ ( جاهلين من غير فكر ولا روية ولا نظر في ما يجوز ويمتنع. وقيل : يعود على الاتخاذ المفهوم من ) اتخذه ( أي ) عَبَدْنَاهُمْ مَّا لَهُم ( بحكمة الاتخاذ من علم إذ لا يتخذه إلاّ من هو عاجز مقهور يحتاج إلى معين يشد به عضده. وهذا مستحيل على الله.
قال الزمخشري : اتخاذ الله ولداً في نفسه محال، فيكف ) قِيلَ مَّا لَهُمْ مّنَ عِلْمٍ ( ؟ قلت : معناه ما لهم به من علم لأنه ليس مما يعلم لاستحالته، وانتفاء العلم بالشيء إما للجهل بالطريق الموصل إليه، وإما لأنه في نفسه محال لا يستقيم تعلق العلم به انتهى.
( وَلاَ لائَبَائِهِمْ ( معطوف على ) لَهُمْ ( وهم من تقدم من أسلافهم الذين ذهبوا إلى هذه المقالة السخيفة، بل من قال ذلك إنما قاله عن جهل وتقليد. وذكر الآباء لأن تلك المقالة قد أخذوها عنهم وتلقفوها منهم.
وقرأ الجمهور :) كَلِمَةَ ( بالنصب والظاهر انتصابها على التمييز، وفاعل ) كَبُرَتْ ( مضمود يعود على المقالة المفهومة من قوله ) قَالُواْ اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا (، وفي ذلك معنى التعجب أي ما أكبرها كلمة، والجملة بعدها صفة لها تفيد استعظام اجترائهم على النطق بها وإخراجها من أفواههم، فإن كثيراً مما يوسوس به الشيطان في القلوب ويحدث به النفس لا يمكن أن يتفوه به بل يصرف عنه الفكر، فكيف بمثل هذا المنكر وسميت ) كَلِمَةَ ( كما يسمون القصيدة كلمة. وقال ابن عطية : وهذه المقالة هي قائمة في النفس معنى واحداً فيحسن أن تسمى ) كَلِمَةَ ( وقال أيضاً : وقرأ الجمهور بنصب الكلمة كما تقول نعم رجلاً زيد، وفسر بالكلمة ووصفها بالخروج من أفواههم فقال بعضهم : نصبها على التفسير على حد نصب قوله تعالى ) وَسَاءتْ مُرْتَفَقًا ). وقالت فرقة : نصبها على الحال أي ) كَبُرَتْ ( فريتهم ونحو هذا انتهى. فعلى قوله كما تقول نعم رجلاً زيد يكون المخصوص بالذم محذوفاً لأنه جعل ) تُخْرِجُ ( صفة لكلمة، والتقدير ) كَبُرَتْ كَلِمَةً ( خارجة ) مِنْ أَفْوَاهِهِمْ ( تلك المقالة التي فاهوا بها وهي مقالتهم ) اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا ). والضمير في ) كَبُرَتْ ( ليس عائداً على ما قبله بل هو مضمر يفسره ما بعده، وهو التمييز على مذهب البصريين، ويجوز أن يكون المخصوص بالذم محذوفاً وتخرج صفة له أي ) كَبُرَتْ كَلِمَةً ( كلمة ) تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ ). وقال أبو عبيدة : نصب على التعجب أي أكبر بها ) كَلِمَةَ ( أي من ) كَلِمَةَ ). وقرىء ) كَبُرَتْ ( بسكون الباء وهي في لغة تميم. وقرأ الحسن وابن يعمر وابن محيصن


الصفحة التالية
Icon