" صفحة رقم ١١٩ "
متيقن، أنه لا يكون ولا يمكن صدقهم، كما أنه لا يمكن أن يأتوا بكتاب من عند الله يكون أهدى من الكتابين. ويجوز أن يراد بالشرط التهكم بهم. وقرأ زيد بن علي : أتبعه، برفع العين الاستئناف، أ ي أنا أتبعه. ) فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُواْ لَكَ (، قال ابن عباس : يريد فإن لم يؤمنوا بما جئت به من الحجج، ولم يمكنهم أن يأوا بكتاب هو أفضل، والاستجابة تقتضي دعاء، وهو ( ﷺ ) ) يدعو دائماً إلى الإيمان، أي فإن لم يستجيبوا لك بعدما وضح لهم من المعجزات التي تضمنها كتابك الذي أنزل، أو يكون قوله :) فَأْتُواْ بِكِتَابٍ (، هو الدعاء إذ هو طلب منهم ودعاء لهم بأن يأتوا به. ومعلوم أنهم لا يستجيبون لأن يأتوا بكتاب من عند الله، فاعلم أنه ليس لهم إلا اتباع هوى مجردغ، لا اتباع دليل. واستجاب : بمعنى أجاب، ويعدى للداعي باللام ودونها، كما قال :) فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ (، ( فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى (، ( فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُواْ لَكُمْ ). وقال الشاعر : فلم يستجبه عند ذاك مجيب
فعداه بغير لام. وقال الزمخشري : هذا الفعل يتعدى إلى الدعاء وإلى الداعي باللام، ويحذف الدعاء إذا عدى إلى الداعي في الغالب، فيقال : استجاب الله دعاءه، واستجاب له، فلا يكاد يقال استجاب له دعاءه. وأما البيت فمعناه : فلم يستجب دعاء، على حذف المضاف. انتهى. ) وَمَنْ أَضَلُّ ( : أي لا أحد أضل، و ) بِغَيْرِ هُدًى ( : في موضع الحال، وهذا الحال قيد في اتباع الهوى، لأنه قد يتبع الإنسان ما يهواه، ويكون ذلك الذي يهواه فيه هدى من الله، لأن الأهواء كلها تنقسم إلى ما يكون فيه هدى وما لا يكون فيه هدى، فلذلك قيد بهذه الحال. وقال الزمخشري : يعني مخذولاً مخلى بينه وبين هواه. انتهى، وهو على طريق الاعتزال.
( وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ الْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ الَّذِينَ ءاتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِن قَبْلِهِ هُم بِهِ يُؤْمِنُونَ وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُواْ ءامَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبّنَا إنَّا كُنَّا مِن قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ أُوْلَئِكَ يُؤْتُونَ أَجْرَهُم مَّرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُواْ صَبَرُواْ وَيَدْرَؤُنَ بِالْحَسَنَةِ السَّيّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ وَإِذَا سَمِعُواْ اللَّغْوَ أَعْرَضُواْ عَنْهُ وَقَالُواْ لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لاَ نَبْتَغِى الْجَاهِلِينَ إِنَّكَ لاَ تَهْدِى مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَاكِنَّ اللَّهَ يَهْدِى مَن يَشَاء وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ وَقَالُواْ إِن نَّتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا أَوَلَمْ نُمَكّن لَّهُمْ حَرَماً ءامِناً يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلّ شَىْء رّزْقاً مّن لَّدُنَّا وَلَاكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ ).
قرأ الجمهور :) وَصَّلْنَا (، مشدد الصاد ؛ والحسن : بتخفيفها، والضمير في لهم لقريش. وقال رفاعة القرظي : نزلت في عشرة من اليهود، أنا أحدهم. قال الجمهور : وصلنا : تابعنا القرآن موصولاً بعضه ببعض في المواعظ والزجر والدعاء إلى الإسلام. وقال الحسن : وفي ذكر الأمم المهلكة. وقال مجاهد : جعلناه أوصالاً من حيث كان أنواعاً من القول في معان مختلفة. وقال ابن زيد : وصلنا لهم خبر الآخرة بخبر الدنيا، حتى كأنهم عاينوا الآخرة. وقال الأخفش : أتممنا لوصلك الشيء بالشيء، وأصل التوصل في الحبل، يوصل بعضه ببعض. وقال الشاعر