" صفحة رقم ١٦١ "
العرب، وقد أكثروا من مدحها في أشعارهم. ) يُحْبَرُونَ ( : يسرون. حبره : سره سروراً، وتهلل له وجهه وظهر له أثره. يحبر بالضم، حبراً وحبرة وحبوراً، وفي المثل : امتلأت بيوتهم حبرة فهم ينتظرون العبرة. وحكى الكسائي : حبرته : أكرمته ونعمته. وقال علي بن سليمان : هو من قولهم : على أسنانه حبرة، أي أثر، أي يسير عليهم أثر النعمة. وقيل : من التحبير، وهو التحسين، أي يحسنون. ويقال : فلان حسن الحبر والسبر، بالفتح، إذا كان جميلاً حسن الهيئة. وقال ابن عباس، والضحاك، ومجاهد : يكرمون. وقال يحيى بن أبي كثير، والأوزاعي، ووكيع : يسمعون الأغاني. وقال أبو بكر، وابن عباس : يتوجون على رؤوسهم. وقال ابن كيسان : يحلون. ومعنى ) مُحْضَرُونَ ( : مجموعون له، لا يغيب أحد منهم عنه بقوله :) وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنْهَا (، وجاء في روضة منكراً وفي معرفاً. قال الزمخشري : والتنكير لإيهام أمرها وتفخيمه، وجاء يحبرون بالفعل المضارع لاستعماله للتجدد، لأنهم كل ساعة يأتيهم ما يسرون به من متجددات الملاذ وأنواعها المختلفة. وجاء ) مُحْضَرُونَ ( باسم الفاعل لاستعماله للثبوت، فهم إذا دخلوا العذاب يبقون فيه محضرين، فهو وصف لاذم لهم.
( فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ وَلَهُ الْحَمْدُ فِى السَّمَاوَاتِ وَالاْرْضَ وَعَشِيّاً وَحِينَ تُظْهِرُونَ يُخْرِجُ الْحَىَّ مِنَ الْمَيّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيّتَ مِنَ الْحَىِّ وَيُحْىِ الاْرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ وَمِنْ ءايَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مّن تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنتُمْ بَشَرٌ تَنتَشِرُونَ وَمِنْ ءايَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْواجاً لّتَسْكُنُواْ إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِى ذَلِكَ لايَاتٍ لّقَوْمٍ ).
لما بين تعالى عظيم قدرته في خلق السموات والأرض بالحق، وهو حالة ابتداء العالم، وفي مصيرهم إلى الجنة والنار، وهي حالة الانتهاء، أمر تعالى بتنزيهه من كل سوء. والظاهر أنه أمر عباده بتنزيهه في هذه الأوقات، لما يتجدد فيها من النعم. ويحتمل أن يكون كناية عن استغراق زمان العبد، وهو أن يكون ذاكراً ربه، واصفه بما يجب له على كل حال.
وقال الزمخشري : لما ذكر الوعد والوعيد، أتبعه ذكر ما يوصل إلى الوعد وينجي من الوعيد. وقيل : المراد هنا بالتسبيح : الصلاة. فعن ابن عباس وقتادة : المغرب والصبح والعصر والظهر، وأما العشاء ففي قوله :) وَزُلَفاً مِّنَ الَّيْلِ ). وعن ابن عباس : الخمس، وجعل ) حِينَ تُمْسُونَ ( شاملاً للمغرب والعشاء. ) وَلَهُ الْحَمْدُ فِى السَّمَاوَاتِ وَالاْرْضَ ( : اعتراض بين الوقتين،