" صفحة رقم ٢١٨ "
بإرسال الريح والجنود، وهم الملائكة، فلم يكن قتال بين المؤمنين والكفار. وقيل : المراد علي بن أبي طالب ومن معه، برزوا للقتال ودعوا إليه. وقتل علي من الكفار عمرو بن عبيد مبارزة، حين طلب عمرو المبارزة، فخرج إليه علي، فقال : إني لا أوثر قتلك لصحبتي لأبيك، فقال له علي : فأنا أوثر قتلك، فقتله علي مبارزة. واقتحم نوفل بن الحارث، من قريش، الخندق بفرسه، فقتل فيه. وقتل من الكفار أيضاً : منبه بن عثمان، وعبيد بن السباق. واستشهد من المسلمين، في غزوة الخندق : معاذ، وأنس بن أوس بن عتيك، وعبد الله بن سهل، وأبو عمرو، وهم من بني عبد الأشهل ؛ والطفيل بن النعمان، وثعلبة بن غنمه، وهما من بني سلمة ؛ وكعب بن زيد، من بني ذبيان بن النجار، أصابه سهم غرب فقتله. ولم تغز قريش المسلمين بعد الخندق، وكفى الله مداومة القتال وعودته بأن هزمهم بعد ذلك، وذلك بقوته وعزته. وعن أبي سعيد الخدري : حبسنا يوم الخندق، فلم نصل الظهر، ولا العصر، ولا المغرب، ولا العشاء، حتى كان بعد هوى من الليل، كفينا وأنزل الله تعالى :) وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ (، فأمر رسول الله ( ﷺ ) )، بلالاً، فأقام وصلى الظهر فأحسنها، ثم كذلك كل صلاة بإقامة.
( وَأَنزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُم ( : أي أعانوا قريشاً ومن معهم من الأحزاب من أهل الكتاب، هم يهود بني قريظة، كما هو قول الجمهور. وعن الحسن : بنو النضير. وقذف الرعب سبب لإنزالهم، ولكنه قدم المسبب، لما كان السرور بإنزالهم أكثر والإخبار به أهم قدم. وقال رجل : يا رسول الله، مر بنا دحية الكلبي على بغلة بيضاء عليهم قطيفة ديباج، فقال :( ذلك جبريل، عليه السلام، بعث إلى بني قريظة، يزلزل بهم حصونهم، ويقذف الرعب في قلوبهم ). ولما رجعت الأحزاب، جاء جبريل وقت الظهر فقال : إن الله يأمرك بالخروج إلى بني قريظة. فنادى في الناس :( لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريظة )، فخرجوا إليهما، فمصل في الطريق، ورأى أن ذلك خرج مخرج التأكيد والاستعجال ؛ ومصل بعد العشاء، وكل مصيب. فحاصرهم خمساً وعشرين ليلة، وقيل : إحدى وعشرين، وقيل : خمسة عشر. فنزلوا على حكم سعد بن معاذ الأوسي، لحلف كان بينهم، رجوا حنوه عليهم، فحكم أن يقتل المقاتلة ويسبي الذرية والعيال والأموال، وأن تكون الأرض والثمار للمهاجرين دون الأنصار. فقالت له الأنصار في ذلك، فقال : أردت أن يكون لهم أموال كما لكم، فقال له رسول الله ( ﷺ ) ) :( لقد حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبعة أرفعة )، ثم استنزلهم، وخندق لهم في سوق المدينة، وقدمهم فضرب أعناقهم، وهم من بين ثمانمائة إلى تسعمائة. وقيل : كانوا ستمائة مقاتل وسبعمائة أسير. وجيء يحيى بن أخطب النضيري، وهو الذي كان أدخلهم في الغدر برسول الله ( ﷺ ) )، فدخل عندهم وفاء لهم، فترك فيمن ترك على حكم سعد. فلما قرب، وعليه حلتان تفاحيتان، مجموعة يداه إلى عنقه، أبصر رسول الله ( ﷺ ) )، فقال : يا محمد والله ما لمت نفسي في عداوتك، ولكن من يخذل الله يخذل. ثم قال : أيها الناس، إنه لا بأس أمر الله وقدره، ومحنة كتبت على بني إسرائيل، ثم تقدم فضربت عنقه. وقال فيه بعض بني ثعلبة : لعمرك ما لام ابن أخطب نفسه
ولكنه من يخذل الله يخذل
لا جهد حتى أبلغ النفس عذرهاوقلقل يبغي الغد كل مقلقل
وقتل من نسائهم امرأة، وهي لبابة امرأة الحكم القرظي، كانت قد طرحت الرحى على خلاد بن سويد فقتل ؛ ولم


الصفحة التالية
Icon