" صفحة رقم ٢١٩ "
يستشهد في حصار بني قريظة غيره. ومات في الحصار أبو سفيان بن محصن، أخو عكاشة بن محصن، وكان فتح قريظة في آخر ذي القعدة سنة خمس من الهجرة. وقرأ الجمهور : وتاسرون، بتاء الخطاب وكسر السين ؛ وأبو حيوة : بضمهما ؛ واليماني : بياء الغيبة ؛ وابن أنس، عن ابن ذكوان : بياء الغيبة في :) تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ ). ) وَأَوْرَثَكُمْ ( : فيه إشعار أنه انتقل إليهم ذلك بعد موت أولئك المقتولين ومن نقلهم من أرضهم، وقدمت لكثرة المنفعة بها من النحل والزرع، ولأنهم باستيلائهم عليها ثانياً وأموالهم ليستعان بها في قوة المسلمين للجهاد، ولأنها كانت في بيوتهم، فوقع الاستيلاء عليها ثالثاً. ) وَأَرْضاً لَّمْ ( : وعد صادق في فتح البلاد، كالعراق والشام واليمن ومكة، وسائر فتوح المسلمين. وقال عكرمة : أخبر تعالى أن قد قضى بذلك. وقال الحسن : أراد الروم وفارس. وقال قتادة : كنا نتحدث أنها مكة. وقال مقاتل، ويزيد بن رومان، وابن زيد : هي خيبر ؛ وقيل : اليمن ؛ ولا وجه لهذه التخصيصات، ومن بدع التفاسير أنه أراد نساءهم. وقرأ الجمهور : تطؤوها، بهمزة مضمومة بعدها واو. وقرأ زيد بن علي : لم تطوها، بحذف الهمزة، أبدل همزة تطأ ألفاً على حد قوله :
إن السباع لتهدا في مرابضها والناس لا يهتدى من شرهم أبدا
فالتقت ساكنة مع الواو فحذفت، كقولك : لم تروها. وختم تعالى : هذه الآية بقدرته على كل شيء، فلا يعجزه شيء، وكان في ذلك إشارة إلى فتحه على المسلمين الفتوح الكثيرة، وأنه لا يستبعد ذلك، فكما ملكهم هذه، فكذلك هو قادر على أن يملكهم غيرها من البلاد.
( كُلّ شَىْء قَدِيراً ياأَيُّهَا النَّبِىُّ قُل لاْزْواجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَواةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتّعْكُنَّ وَأُسَرّحْكُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً وَإِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الاْخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنكُنَّ أَجْراً عَظِيماً يانِسَاء النَّبِىّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً وَمَن يَقْنُتْ مِنكُنَّ للَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحاً نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقاً كَرِيماً يانِسَاء النَّبِىّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مّنَ النّسَاء إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلاَ تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِى فِى قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَّعْرُوفاً وَقَرْنَ ).
سبب نزولها أن أزواجه / ( ﷺ ) )، تغايرن وأردن زيادة في كسوة ونفقة، فنزلت. ولما نصر الله نبيه وفرق عنه الأحزاب وفتح عليه قريظة والنضير، ظن أزواجه أنه اختص بنفائس اليهود وذخائرهم، فقعدن حوله وقلن : يا رسول الله، بنات كسرى وقيصر في الحلى والحلل والإماء والخول، ونحن على ما تراه من الفاقة والضيق. وآلمن قلبه بمطالبتهن له بتوسعة الحال، وأن يعاملهن بما يعامل به الملوك والأكابر أزواجهم، فأمره الله أن يتلو عليهن ما نزل في أمرهن ؛ وأزواجه إذ ذاك تسع : عائشة بنت أبي بكر، وحفصة بنت عمه، وأم حبيبة بنت أبي سفيان، وسودة بنت زمعة، وأم سملة بنت أبي أمية، وهؤلاء من قري ٥. ومن غير قري ٥ : ميمونة بنت الحارث الهلالية


الصفحة التالية
Icon