" صفحة رقم ٢٢٧ "
بواحدة منها : أن بنت عمة رسول الله ( ﷺ ) )، أمنت الأيمة والضيعة ونالت الشرف وعادت أماً من أمّهات المؤمنين، إلى ما ذكر الله عز وجل من المصلحة العامّة في قوله :) لِكَىْ لاَ يَكُونَ ( الآية. انتهى ما اخترناه من كلام الزمخشري. وقوله :) أَمْسِكْ عَلَيْكَ ( فيه وصول الفعل الرافع الضمير المتصل إلى الضمير المجرور وهماً لشخص واحد، فهو كقوله :
هوّن عليك ودع عنك نهياً صيح في حجراته
وذكروا في مثل هذا التركيب أن على وعن اسمان، ولا يجوز أن يكونا حرفين، لامتناع فكر فيك، وأعني بك، بل هذا مما يكون فيه النفس، أي فكر في نفسك، وأعني بنفسك، وقد تكلمنا على هذا في قوله :) أَنزَلْنَا إِلَيْكَ (، ( وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ ). وقال الحوفي :) وَتُخْفِى فِى نِفْسِكَ ( : مستأنف، ( وَتَخْشَى ( : معطوف على وتخفي. وقال الزمخشري : واو الحال، أي تقول لزيد :) أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ (، مخفياً في نفسك إرادة أن لا يمسكها، وتخفي خاشياً قاله الناس، أو واو العطف، كأنه قيل : وأن تجمع بين قولك :) أَمْسِكْ (، وإخفاء قالة، وخشية الناس. انتهى. ولا يكون ) وَتُخْفِى ( حالاً على إضمار مبتدأ، أي وأنت تخفي، لأنه مضارع مثبت، فلا يدخل عليه الواو إلا على ذلك الإضمار، وهو مع ذلك قليل نادر، لا يبنى على مثله القواعد ؛ ومنه قولهم : قمت وأصك عينه، أي وأنا أصك عينه. ) وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ ( : تقدّم إعراب نظيره في التوبة.
( فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مّنْهَا وَطَراً ( : أي حاجة، قيل : وهو الجماع، قاله ابن عباس. وروي أبو عصمة : نوح ابن أبي مريم، بإسناد رفعه إلى زينب أنها قالت : ما كنت أمتنع منه، غير أن الله منعني منه. وقيل : إنه مذ تزوجها لم يتمكن من الاستمتاع بها. وروي أنه كان يتورم ذلك منه حين يريد أن يقر بها. وقال قتادة : الوطر هنا : الطلاق. وقرأ الجمهور :) زَوَّجْنَاكَهَا (، بنون العظمة ؛ وجعفر بن محمد، وابن الحنفية، وأخواه الحسن والحسين، وأبوهم علي : زوجتكها، بتاء الضمير للمتكلم. ونفى تعالى الحرج عن المؤمنين في إجراء أزواج المتبنين مجرى أزواج النبين في تحريمهن عليهن بعد انقطاع علائق الزواج بينهم وبينهن. ) وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ ( : أي مقتضى أمر الله، أو مضمن أمره. قال ابن عطية : وإلا فالأمر قديم لا يوصف بأنه مفعول، ويحتمل على بعد أن يكون الأمر واحد الأمور التي شأنها أن تفعل. وقال الزمخشري :) وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ ( الذي يريد أن يكونه، ( مَفْعُولاً ( : مكوناً لا محالة، وهو مثل لما أراد كونه من تزويج رسول الله ( ﷺ ) ) زينب. ويجوز أن يراد بأمر الله المكون، لأنه مفعول يكن. ولما نفى الحرج عن المؤمنين فيما ذكر، واندرج الرسول فيهم، إذ هو سيد المؤمنين، نفى عنه الحرج بخصوصه، وذلك على سبيل التكريم والتشريف، ونفى الحرج عنه مرتين، إحداهما بالاندراج في العموم، والأخرى بالخصوص.
( فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ (، قال الحسن : فيما خص به من صحة النكاح بلا صداق. وقال قتادة : فيما أحل له. وقال الضحاك : في الزيادة على الأربع، وكانت اليهود عابوه بكثرة النكاح وكثرة الأزواج، فرد الله عليهم بقوله :) سُنَّةَ اللَّهِ ( : أي في الأنبياء بكثرة النساء، حتى كان لسليمان، عليه السلام، ثلاثمائة حرة وسبعماى ة سرية، وكان لداود مائة امرأة وثلاثمائة سرية. وقيل : الإشارة إلى أن الرسول جمع بينه وبين زينب، كما جمع بين داود وبين التي تزوجها بعد قتل زوجها. وانتصب ) سُنَّةَ اللَّهِ ( على أنه اسم موضوع موضع المصدر، قاله الزمخشري ؛ أ على المصدر ؛ أو على إضمار فعل تقديره : ألزم أو نحوه، أو على الإغراء، كأنه قال : فعليه سنة الله. قال ابن عطية : وقوله : أو على الإغراء، ليس بجيد، لأن عامل الاسم في الإغراء لا يجوز حذفه،


الصفحة التالية
Icon