" صفحة رقم ٢٧١ "
الفاعلية، أي بل صدنا مكركم بالليل والنهار، ونظيره قول القائل : أنا ضربت زيداً بل ضربه عمرو، فيقول : بل ضربه غلامك، والأحسن في التقدير أن يكون المعنى : ضربه غلامك. وقيل : يجوز أن يكون مبتدأ وخبراً، أي سبب كفرنا. وقرأ قتادة، ويحيى بن يعمر : بل مكر بالتنوين، الليل والنهار نصب على الظرف. وقرأ سعيد بن جبير بن محمد، وأبو رزين، وابن يعمر أيضاً : بفتح الكاف وشد الراء مرفوعة مضافة، ومعناه : كدور الليل والنهار واختلافهما، ومعناها : الإحالة على طول الأمل، والاغترار بالأيام مع أمر هؤلاء الرؤساء الكفر بالله. وقرأ ابن جبير أيضاً، وطلحة، وراشد هذا من التابعين ممن صحح المصاحف بأمر الحجاج : كذلك، إلا أنهم نصبوا الراء على الظرف، وناصبه فعل مضمر، أي صدد تمونا مكر الليل والنهار، أي في مكرهما، ومعناه دائماً. وقال صاحب اللوامح : يجوز أن ينتصب بإذ تأمروننا مكر الليل والنهار. انتهى. وهذا وهم، لأن ما بعد إذ لا يعمل فيما قبلها. وقال الزمخشري : بل يكون الإغراء مكراً دائماً لا يفترون عنه. انتهى.
وجاء ) قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُواْ ( بغير واو، لأنه جواب لكلام المستضعفين، فاستؤنف، وعطف ) وَقَالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُواْ ( على ما سبق من كلامهم، والضمير في ) وَأَسَرُّواْ ( للجميع المستكبرين والمستضعفين، وهم ) الظَّالِمُونَ (، وتقدم الكلام في ) بِهِ وَأَسَرُّواْ النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُاْ الْعَذَابَ ( في سورة يونس، والندامة من المعاني القلبية، فلا تظهر، إنما يظهر ما يدل عليها، وما يدل عليها غيرها، وقيل : هو من الأضداد. وقال ابن عطية : هذا لم يثبت قط في لغة أن أسر من الأضداد وندامة الذين استكبروا على ضلالهم في أنفسهم وإضلالهم وندامة الذين استضعفوا على ضلالهم وأتباعهم المضلين. ) وَجَعَلْنَا الاْغْلَالَ فِى أَعْنَاقِ الَّذِينَ كَفَرُواْ (، والظاهر عموم الذين كفروا، فيدخل فيه المستكبرون والمتسضعفون، لأن من الكفار من لا يكون له اتباع مراجعة القول في الآخرة، ولا يكون أيضاً تابعاً لرئيس له كافر، كالغلام الذي قتله الخضر. وقيل :) الَّذِينَ كَفَرُواْ ( هم الذين سبقت منهم المحاورة، وجعل الأغلال إشارة إلى كيفية العذاب قطعوا بأنهم واقعون فيه فتركوا التندم. ) هَلْ يُجْزَوْنَ ( : معناه النفي، ولذلك دخلت إلا بعد النفي.
( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ فِى قَرْيَةٍ مّن نَّذِيرٍ إِلاَّ قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ وَقَالُواْ نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوالاً وَأَوْلَاداً وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ قُلْ إِنَّ رَبّى يَبْسُطُ الرّزْقَ لِمَن يَشَاء وَيَقْدِرُ وَلَاكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ وَمَا أَمْوالُكُمْ وَلاَ أَوْلَادُكُمْ بِالَّتِى تُقَرّبُكُمْ عِندَنَا زُلْفَى إِلاَّ مَنْ ءامَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ لَهُمْ جَزَاء الضّعْفِ بِمَا عَمِلُوا ( سقط : وهم في الغرقات ءامنون إلى آخر الآية ) ْ ).


الصفحة التالية
Icon