" صفحة رقم ٣١٦ "
بئر وهي الرس '. وقال السدي :' رموه بالحجارة وهو يقول : اللهم اهد قومي حتى مات '. وقال الكلبي :' رموه في حفرة وردوا التراب عليه فمات '. وعن الحسن : حرقوه حرقا، وعلقوه في باب المدينة وقبره في سور أنطاكية. وقيل : نشروه بالمناشير حتى خرج من بين رجليه. وعن قتادة :' أدخله الله الجنة وهو فيها حي يرزق '. أراد قوله تعالى :) بل أحياء عند ربهم يرزقون فرحين ( [ آل عمران : ١٦٩، ١٧٠ ] وفي النسخة التي طالعنا من تفسير ابن عطية ما نصه. وقرأ الجمهور ( فاسمعون ) بفتح النون، قال أبو حاتم :' هذا خطأ لا يجوز لأنه أمر فإما حذف النون وإما كسرها على جهة البناء '. انتهى. يعني ياء المتكلم والنون للوقاية. وقوله : وقرأ الجمهور، وهم فاحش، ولا يكون والله أعلم إلا من الناسخ، بل القراء مجمعون فيما أعلم على كسر النون سبعتهم وشواذهم إلا ما روي عن عصمة عن عاصم من فتح النون ذكره في الكامل مؤلف أبي القاسم الهذلي ولعل ذلك وهم من عصمة، وقال ابن عطية :' هنا محذوف تواترات به الأحاديث والروايات وهو أنهم قتلوه، فقيل له عند موته ادخل الجنة، وذلك - والله أعلم - بأن عرض عليه مقعده منها، وتحقق أنه من ساكنيها، فرأى ما أقر عينه، فلما حصل ذلك تمنى أن يعلم قومه بذلك '. انتهى. وقول ( قيل ادخل الجنة ) كأنه جواب لسائل عن حالة عند لقاء ربه بعد ذلك التصلب في دينه، فقيل ( ادخل الجنة ) ولم يأت التركيب قيل له، لأنه معلوم أنه المخاطب. وتمنيه علم قومه بذلك هو مرتب على تقدير سؤال عن ما وجد من قوله عند ذلك، استيفاقا، ونصحا لهم. أي : لو علموا ذلك لآمنوا بالله. وفي الحديث :' نصح قومه حيا وميتا : تمنى ذلك ليعلموا أنهم كانوا على خطأ في أمره، وهو على صواب فيندموا، ويحزنهم ذلك، ويبشر بذلك. وموجود في طباع البشر أن من أصاب خيرا في غير موطنه ود أن يعلم بذلك جيرانه وأترابه الذين نشأ فيهم. وبلغنا أن الوزير ذنك الدين المسيري وكان وزيرا لملك مصر راح إلى قريته التي كان منها وهي مسير وهي من أصغر قرى مصر فقيل له في ذلك، فقال : أردت أن يراني عجائز مسير في هذه الحالة التي أنا فيها. قال الشاعر : والعز مطلوب وملتمس
وأحبه ما نيل في الوطن
والظاهر : أن ( ما ) في قوله ( بما غفر لي ربي ) مصدرية. جوزوا أن يكون بمعنى الذي والعائد محذوف. تقديره : بالذي غفره لي ربي من الذنوب. وليس هذا بجيد، إذ يؤول إلى تمنى علمهم بالذنوب المغفرة. والذي يحسن تمنى علمهم بمغفرة ذنوبه، وجعله من المكرمين. وأجاز الفراء أن تكون ( ما ) استفهاما، وقال الكسائي :' لو صح هذا يعني الاستفهام لقال بم من غير ألف '. وقال الفراء :' يجوز أن يقال بما بالألف وأنشد فيه أبياتا '. وقال الزمخشري :' ويحتمل أن تكون استفهامية، يعني : بأي شيء غفر لي ربي ؟ يريد ما كان منه معهم من المصابرة لإعزاز دين الله حتى قيل : إن قولك ( بما غفر لي ربي ) يريد ما كان منه معهم بطرح الألف أجود وإن كان إثباتها جائزا فقال : قد علمت بما صنعت هذا وبم صنعت '. انتهى. والمشهور أن إثبات الألف في ما الاستفهامية إذا دخل عليها حرف جر مختص بالضرورة نحو قوله : على ما قام يشتمني لئيم
كخنزير تمرغ في رماد
وحذفها هو المعروف في الكلام نحو قوله : على م يقول الرمح يثقل كاهلي
إذا أنا لم أطعن إذا الخيل كرت


الصفحة التالية
Icon