" صفحة رقم ٣٢٣ "
وقال النحاس :' ما قيل فيه وأبينه أن مسير القمر مسير سريع والشمس لا تدركه في السير '. انتهى. وهو ملخص القول الذي قبله ( ولا الليل سابق النهار ) لا يعارض قوله ) يغشي الليل النهار يطلبه حثيثا ( [ الأعراف ٥٤ ] لأن ظاهر قوله ( يطلبه حثيثا ) ن النهار سابق أيضا، فيوافق الظاهر. وفهم أبو عبد الله الرازي من قوله ( يطلبه حثيثا ) أن النهار يطلب الليل، والليل سابقة. وفهم من قوله ( ولا الليل سايق النهار ) أن الليل مسبوق لا سابق فأورده سؤالا. وقال : كيف يكون الليل سابقا مسبوقا ؟ وأجاب أن المراد من الليل هنا سلطان الليل، وهو القمر، وهو لا يسبق الشمس. بالحركة اليومية السريعة والمراد من الليل هناك : نفس الليل، وكل واحد لما كان في عقب الآخر كان طالبه '. انتهى. وعرض له هذا السؤال لكونه جعل الضمير الفاعل في ( يطلبه ) عائدا على النهار، وضمير المفعول عائدا على ( الليل ) والظاهر أن ضمير الفاعل عائد على ما هو الفاعل في المعنى وهو الليل، لأنه كان قبل دخول همزة النقل ( يغشى الليل النهار ) وضمير المفعول عائد على النهار، لأنه المفعول قبل النقل وبعده، وقرأ عمارة بن عقيل بن بلال بن جرير الخطفي ( سابق ) بغير تنوين ( النهار ) بالنصب، قال المبرد :' سمعته يقرأ ما هذا ؟ قال : أردت سابق النهار فحذفت، لأنه أخف '. انتهى. وحذف التنوين فيه لالتقاء الساكنين وتقدم شرح ) وكل في فلك يسبحون ( [ الأنبياء : ٣٣ ] في سورة الأنبياء والظاهر من الذرية أنه يراد به الأبناء ومن نشأ منهم. وقيل : ينطلق على الآباء وعلى الأبناء. قاله أبو عثمان، وقال ابن عطية :' هذا تخلط ولا يعرف هذا في اللغة ' انتهى. وتقدم الكلام في الذرية في آل عمران. والظاهر : أن الضمير في ( لهم ) وفي ( ذرياتهم ) عائد على شيء واحد، فالمعنى : أنه تعالى حمل ذريات هؤلاء وهم آباؤهم الأقدمون في سفينة نوح - عليه السلام - قاله ابن عباس، وجماعة. ومن مثله للسفن الموجودة في جنس بني آدم إلى يوم القيامة، أو أريد بقوله ( ذرياتهم ) حذف مضاف. أي : ذريات جنسهم، وأريد بالذرية : من لا يطيق المشي والركوب من الذرية والضعفاء و ( الفلك )، اسم جنس من عليهم بذلك. وكون الفلك مرادا به الجنس. قاله ابن عباس أيضا، ومجاهد والسدي ومن مثله الإبل وسائر ما يركب. وقيل : الضميران مختلفان. أي : ذرية القرون الماضية قاله علي بن سليمان. وكان آية لهؤلاء، إذ هم نسل تلك الذرية، وقيل : الذرية : النطف و ( الفلك المشحون ) بطون النساء. ذكره الماوردي، ونسب إلى علي بن أبي طالب. وهذا لا يصح، لأنه من نوع تفسير الباطنية، وغلاة المتصوفة الذين يفسرون كتاب الله على شيء لا يدل عليه اللفظ بجهة من جهات الدلالة، يحرفون الكلم عن مواضعه، ويدل على أنه أريد ظاهر الفلك قوله ( وخلقنا لهم من مثله ما يركبون ) يعني : الإبل والخيل والبغال والحمير. والمماثلة في أنه مركوب مبلغ للأوطان فقط. هذا إذا كان الفلك جنسا، ولأما إن أريد به سفينة نوح فالمماثلة تكون في كونها سفنا مثلها، وهي الموجودة في بني آدم ويبعد قول من قال ' الذرية في الفلك : قوم نوح في سفينته والمثل : الأجل وما يركب '. لأنه يدفعه قوله ( وإن نشأ نغرقهم )، وقرأ نافع وابن عامر والأعمش وزيد بن علي وأبان بن عثمان ( ذرياتهم ) بالجمع وكسر زيد وأبان الذال وباقي السبعة وطلحة وعيسى بالإفراد، وقال الزمخشري ( ذريتهم أولادهم ومن يهمهم حمله '. وقيل : اسم الذرية يقع على النساء لأنهن مزارعها، وفي الحديث :' أنه نهى عن قتل الذراري يعني النساء '. ( من مثله ) من مثل الفلك ( ما يركبون ) من الإبل وهي سفائن البر. وقيل ( الفلك المشحون ) سفينة نوح، ومعنى حمل الله ذرياتهم فيها، أنه حمل فيها آباؤهم الأقدمون، وفي أصلابهم هم وذرياتهم، وإنما ذكر ذلارياتهم دونهم، لأنه أبلغ في الامتنان عليهم، وأدخل في التعجب من قدرته في حمل أعقابهم إلى يوم القيامة في سفينة نوح، و ( من مثله ) من مثل ذلك الفلك ( ما يركبون ) من السفن '. انتهى. وقال أبو عبد الله الرازي :' إنما خص الذريات بالذكر، لأن الموجودين كانوا كفارا لا فائدة في وجودهم. أي : لم يكن الحمل حملا لهم وإنما كان حملا لما في أصلابهم من المؤمنين '. وقال أيضا :' الضمير في ' وآية لهم ' عائد على العباد في قوله ( يا حسرة على العباد ) ثم قال بعععد ( وآية لهم الأرض الميتة أحييناها ) ( وآية لهم الليل وآية لهم أنا حملنا ذريتهم ) ذريات العباد، ولا يلزم أن يكون الضمير في الموضعين المعنيين فهو كقوله :) لا تقتلوا أنفسكم ( ] النساء ] إنما يريد. لا يقتل بعضكم بعضا، فكذلك هذا ( وآية لهم ) أي : آية كل بعض منهم أنا حملنا ذرية كل بعض منهم، أو ذرية بعض منهم '. انتهى. والظاهر في قوله