" صفحة رقم ٤٣٦ "
والإشارة إلى العذاب الذي هم فيه، أو إلى مقتهم أنفسهم، أو إلى المنع من الخروج والزجر والإهانة، احتمالات. مقوله. وقيل : الخطاب المحاضرين رسول الله ( ﷺ ) )، والضمير في فإنه ضمير الشأن. ) إِذَا دُعِىَ اللَّهُ وَحْدَهُ ( : أي إذا أفرد بالإلهية ونفيت عن سواه، ( كَفَرْتُمْ وَإِن يُشْرَكْ بِهِ ( : أي ذكرت اللات والعزى وأمثالهما من الأصنام، صدقتم بألوهيتها وسكنت نفوسكم إليها. ) فَالْحُكْمُ ( بعذابكم، ( لِلَّهِ (، لا لتلك الأصنام التي أشركتموها مع الله، ( الْعَلِىُّ ( عن الشرك، ( الْكَبِيرُ ( : العظيم الكبرياء. وقال محمد بن كعب : لأهل النار خمس دعوات، يكلمهم الله في الأربعة، فإذا كانت الخامسة سكتوا. ) قَالُواْ رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ ( الآية، وفي إبراهيم :) رَبَّنَا أَخّرْنَا ( الآية، وفي السجدة :) رَبَّنَا أَبْصَرْنَا ( الآية، وفي فاطر :) رَبَّنَا أَخْرِجْنَا ( الآية، وفي المؤمنون :) رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا ( الآية، فراجعهم اخسؤا فيها ولا تكلمون، قال : فكان آخر كلامهم ذلك.
ولما ذكر تعالى ما يوجب التهديد الشديد في حق المشركين، أردفه بذكر ما يدل على كمال قدرته وحكمته، ليصير ذلك دليلاً على أنه لا يجوز جعل الأحجار المنحوتة والخشب المعبودة شركاء لله، فقال :) هُوَ الَّذِى يُرِيكُمْ ءايَاتِهِ (، أيها الناس، ويشمل آيات قدرته من الريح السحاب والرعد والبرق والصواعق ونحوها من الأثار العلوية، وآيات كتابه المشتمل على الأولين والآخرين، وآيات الإعجاز على أيدي رسله. وهذه الآيات راجعة إلى نور العقل الداعي إلى توحيد الله. ثم قال :) وَيُنَزّلُ لَكُم مّنَ السَّمَاء رِزْقاً (، وهو المطر الذي هو سبب قوام بنية البدن، فتلك الآيات للأديان كهذا الرزق للأبدان. ) وَمَا يَتَذَكَّرُ ( : أي يتعظ ويعتبر، وجعله تذكراً لأنه مركوز في العقول دلائل التوحيد، ثم قد يعرض الاشتغال بعبادة غير الله فيمنع من تجلى نور العقل، فإذا تاب إلى الله تذكر.
( فَادْعُواْ اللَّهَ مُخْلِصِينَ الدّينِ وَلَوْ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِى الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ لِيُنذِرَ يَوْمَ التَّلاَقِ يَوْمَ هُم بَارِزُونَ لاَ يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَىْء لّمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لاَ ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الاْزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلاَ شَفِيعٍ يُطَاعُ يَعْلَمُ خَائِنَةَ الاْعْيُنِ وَمَا تُخْفِى الصُّدُورُ وَاللَّهُ يَقْضِى بِالْحَقّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ لاَ يَقْضُونَ بِشَىْء إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ أَوَلَمْ يَسِيروُاْ فِى الاْرْضِ فَيَنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ كَانُواْ مِن قَبْلِهِمْ كَانُواْ هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَءاثَاراً فِى الاْرْضِ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَمَا كَانَ لَهُم مّنَ اللَّهِ مِن وَاقٍ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانَت تَّأْتِيهِمْ رُسُلُهُم بِالْبَيّنَاتِ فَكَفَرُواْ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ إِنَّهُ قَوِىٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ ).
الأمر بقوله :) فَادْعُواْ اللَّهَ ( للمنيبين المؤمنين أصحاب رسول الله ( ﷺ ) ) : أي اعبدوه، ( مُخْلِصِينَ لَهُ الدّينَ ( من الشرك على كل حال، حتى في حال غيظ أعدائكم المتمالئين عليكم وعلى استئصالكم. ورفيع : خبر مبتدأ محذوف. وقال الزمخشري : ثلاثة أخبار مترتبة على قوله :) الَّذِى يُرِيكُمُ (، أو أخبار مبتدأ محذوف، وهي مختلفة تعريفاً وتنكيراً. انتهى. أما ترتبها على قوله :) هُوَ الَّذِى يُرِيكُمُ (، فبعيد كطول الفصل، وأما كونها أخباراً مبتدأ محذوف، فمبني على جواز تعدد الأخبار، إذا لم تكن في معنى خبر واحد، والمنع اختيار أصحابنا. وقرىء : رفيع بالنصب على المدح، واحتمل أن يكون رفيع للمبالغة على فعيل من رافع، فيكون الدرجات مفعول، أي رافع درجات المؤمنين ومنازلهم في الجنة. وبه فسرا بن سلام، أو عبر بالدرجات عن السموات، أرفعها سماء، والعرش فوقهنّ. وبه فسر ابن جبير، واحتمل أن يكون رفيع فعيلاً من رفع الشيء علا فهو رفيع، فيكون من باب الصفة المشبهة، والدرجات : المصاعد الملائكة إلى أن تبلغ العرش، أضيفت إليه دلالة على عزه وسلطانه، أي درجات ملائكته، كما وصفه بقوله :) ذِي الْمَعَارِجِ (، أو يكون ذلك عبارة عن رفعه شأنه وعلو سلطانه. كما أن قوله :) ذُو الْعَرْشِ ( عبارة عن ملكه، وبنحوه فسر ابن زيد قال : عظيم الصفات. و ) الرُّوحُ ( : النبوة، قاله قتادة والسدي، كما قال :) رُوحاً مّنْ أَمْرِنَا ( ؛ وعن قتادة أيضاً : الوحي. وقال ابن عباس : القرآن،


الصفحة التالية
Icon