" صفحة رقم ١٢٦ "
دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِى (، وكذب القرين، قد أطغاه بوسوسته وتزيينه.
ق :( ٢٨ ) قال لا تختصموا.....
( قَالَ لاَ تَخْتَصِمُواْ لَدَىَّ ( : استئناف أيضاً مثل قال قرينه، كأن قائلاً قال : ما قال الله تعالى ؟ فقيل :) لاَ تَخْتَصِمُواْ لَدَىَّ ( أي في دار الجزاء وموقف الحساب. ) وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُم بِالْوَعِيدِ ( لمن عصاني، فلم أترك لكم حجة.
ق :( ٢٩ ) ما يبدل القول.....
( مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَىَّ ( : أي عندي، فما أمضيته لا يمكن تبديله. وقال الفراء : ما يكذب لدي لعلمي بجميع الأمور. وقدمت : يجوز أن يكون بمعنى تقدمت، أي قد تقدم قولي لكم ملتبساً بالوعيد، أو يكون قدم المتعدية، وبالوعيد هو المفعول، والباء زائدة، والتقديم كان في الدنيا، ونهيهم عن الاختصام في الآخرة، فاختلف الزمانان. فلا تكون الجملة من قوله :) وَقَدْ قَدَّمْتُ ( حالاً إلا على تأويل، أي وقد صح عندكم أني قدمت، وصحة ذلك في الآخرة، فاتفق زمان النهي عن الاختصام، وصحة التقديم بالحال على هذا التأويل مقارنة. ) وَمَا أَنَاْ بِظَلَّامٍ لّلْعَبِيدِ ( : تقدم شرح مثله في أواخر آل عمران، والمعنى : لا أعذب من لا يستحق العذاب.
ق :( ٣٠ ) يوم نقول لجهنم.....
وقرأ يوم يقول، بياء الغيبة الأعرج، وشيبة، ونافع، وأبو بكر، والحسن، وأبو رجاء، وأبو جعفر، والأعمش، وباقي السبعة : بالنون ؛ وعبد الله، والحسن، والأعمش أيضاً : يقال مبنياً للمفعول وانتصاب يوم بظلام، أو بأذكر، أو بأنذر كذلك. قال الزمخشري : ويجوز أن ينتصب بنفخ، كأنه قيل : ونفخ في الصور يوم نقول، وعلى هذا يشار بذلك إلى يوم يقول. انتهى، وهذا بعيد جداً، قد فصل على هذا القول بين العامل والمعمول بجمل كثيرة، فلا يناسب هذا القول فصاحة القرآن وبلاغته. و ) هَلِ امْتَلاَتِ ( : تقرير وتوقيف، لا سؤال استفهام حقيقة، لأنه تعالى عالم بأحوال جهنم. قيل : وهذا السؤال والجواب منها حقيقة. وقيل : هو على حذف مضاف، أي نقول لخزنة جهنم، قاله الرماني. وقيل : السؤال والجواب من باب التصوير الذي يثبت المعنى، أي حالها حال من لو نطق بالجواب لسائله لقال كذا، وهذا القول يظهر أنها إذ ذاك لم تكن ملأى. فقولها :) مِن مَّزِيدٍ (، سؤال ورغبة في الزيادة والاستكثار من الداخلين فيها. وقال الحسن، وعمرو، وواصل : كانت ملأى وقت السؤال، فلا تزداد على امتلائها، كما جاء في الحديث وهل ترك لنا عقيل من دار أي ما تركه ومزيد يحتمل أن يكون مصدر أو اسم مفعول.
ق :( ٣١ - ٣٣ ) وأزلفت الجنة للمتقين.....
( غَيْرَ بَعِيدٍ ( : مكاناً غير بعيد، وهو تأكيد لأزلفت، رفع مجاز القرب بالوعد والإخبار. فانتصاب غير على الظرف صفة قامت مقام مكان، فأعربت بإعرابه. وأجاز الزمخشري أن ينتصب غير بعيد على الحال من الجنة. قال : وتذكيره يعني بعيد، لأنه على زنة المصدر، كالزئير والصليل، والمصادر يستوي في الوصف بها المذكر والمؤنث. انتهى. وكونه على وزن المصدر، لا يسوغ أن يكون المذكر صفة للمؤنث. وقال الزمخشري أيضاً : أو على حذف الموصوف، أي شيئاً غير بعيد. انتهى. وكأنه يعني إزلافاً غير بعيد، هذا إشارة للثواب.
وقرأ الجمهور :) مَّا تُوعَدُونَ ( ؛ خطاب للمؤمنين ؛ وابن كثير، وأبو عمرو : بياء الغيبة، أي هذا القول هو الذي وقع الوعد به، وهي جملة اعتراضية بين المبدل منه والبدل. و ) لِكُلّ أَوَّابٍ ( : هو البدل من المتقين. ) مَّنْ خَشِىَ ( : بدل بعد بدل تابع ) لِكُلّ (، قاله الزمخشري. وإنما جعله تابعاً ) لِكُلّ (، لا بدلاً من ) لّلْمُتَّقِينَ (، لأنه لا يتكرر الإبدال من مبدل منه واحد. قال : ويجوز أن يكون بدلاً من موصوف أواب وحفيظ، ولا يجوز أن يكون في حكم أواب وحفيظ، لأن من لا يوصف به، ولا يوصف من بين سائر الموصولات إلا بالذي. انتهى. يعني بقوله : في حكم أو أب : أن يجعل من صفته، وهذا حكم صحيح. وأما قوله : ولا يوصف من بين الموصولات إلا بالذي، فالحصر ليس بصحيح، قد وصفت العرب بما فيه أل، وهو موصول، نحو القائم والمضروب، ووصفت بذو الطائية، وذات في المؤنث. ومن كلامهم : بالفضل ذو فضلكم الله به، والكرامة ذات أكرمك الله به، يريد بالفضل الذي فضلكم والكرامة التي أكرمكم، ولا يريد الزمخشري خصوصية الذي، بل فروعه من المؤنث والمثنى والمجموع على اختلاف لغات ذلك. وجوز أن تكون من موصولة مبتدأ خبره القول المحذوف، تقديره : يقال لهم ادخلوها، لأن من في معنى الجمع، وأن تكون شرطية، والجواب الفعل المحذوف، أي فيقال : وأن يكون منادى، كقولهم : من لا يزال محسناً أحسن إليّ، وحذف حرف النداء للتقريب. وقال


الصفحة التالية
Icon