" صفحة رقم ١٧٩ "
يريد العلوّ علينا، وأن يقتادنا ويتملك طاعتنا. وقرأ قتادة وأبو قلابة : بل هو الكذاب الأشر، بلام التعريف فيهما وبفتح الشين وشد الراء، وكذا الأشر الحرف الثاني. وقرأ الحرف الثاني مجاهد، فيما ذكر صاحب اللوامح وأبو قيس الأودي الأشر بثلاث ضمات وتخفيف الراء. ويقال : أشر وأشر، كحذر وحذر، فضمة الشين لغة وضم الهمزة تبع لضمة الشين. وحكى الكسائي عن مجاهد : ضم الشين. وقرأ أبو حيوة : هذا الحرف الآخر الأشر أفعل تفضيل، وإتمام خير، وشر في أفعل التفضيل قليل. وحكى ابن الأنباري أن العرب تقول : هو أخير وهو أشر. قال الراجز.
بلال خير الناس وابن الأخير
وقال أبو حاتم : لا تكاد العرب تتكلم بالأخير والأشر إلا في ضرورة الشعر، وأنشد قول رؤبة بلال البيت.
القمر :( ٢٦ ) سيعلمون غدا من.....
وقرأ علي والجمهور : سيعلمون بياء الغيبة، وهو من إعلام الله تعالى لصالح عليه السلام ؛ وابن عامر وحمزة وطلحة وابن وثاب والأعمش : بتاء الخطاب : أي قل لهم يا صالح وعداً يراد به الزمان المستقبل، لا اليوم الذي يلي يوم خطابهم، فاحتمل أن يكون يوم العذاب الحال بهم في الدنيا، وأن يكون يوم القيامة، وقال الطرماح : ألا عللاني قبل نوح النوائح
وقبل اضطراب النفس بين الجوانح
وقبل غد يا لهف نفسي في غد
إذا راح أصحابي ولست برائح
أراد وقت الموت، ولم يرد غداً بعينه. وفي قوله :) سَيَعْلَمُونَ غَداً ( تهديد ووعيد ببيان انكشاف الأمر، والمعنى : أنهم هم الكذابون الأشرون. وأورد ذلك مورد الإبهام والاحتمال، وإن كانوا هم المعنيين بقوله تعالى، حكاية عن قول نوح عليه الصلاة والسلام :) فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ (، والمعنى به قومه، وكذا قول شعيب عليه السلام :) سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَمَنْ هُوَ كَاذِبٌ ( ؛ وقول الشاعر : فلئن لقيتك خاليين لتعلمن
أني وأيك فارس الأحزاب
وإنما عنى أنه فارس الأحزاب، لا الذي خاطبه.
القمر :( ٢٧ ) إنا مرسلو الناقة.....
( إِنَّا مُرْسِلُواْ النَّاقَةِ فِتْنَةً لَّهُمْ ( : أي ابتلاء واختباراً، وآنس بذلك صالحاً. ولما هددهم بقوله :) سَيَعْلَمُونَ غَداً (، وكانوا قد ادعوا أنه كاذب، قالوا : ما الدليل على صدقك ؟ قال الله تعالى :) إِنَّا مُرْسِلُواْ النَّاقَةِ ( : أي مخرجوها من الهضبة التي سألوها. ) فَارْتَقِبْهُمْ ( : أي فانتظرهم وتبصر ما هم فاعلون، ( وَاصْطَبِرْ ( على أذاهم ولا تعجل حتى يأتي أمر الله.
القمر :( ٢٨ ) ونبئهم أن الماء.....
( وَنَبّئْهُمْ أَنَّ الْمَاء ( : أي ماء البئر الذي لهم، ( قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ ( : أي بين ثمود وبين الناقة غلب ثمود، فالضمير في بينهم لهم وللناقة. أي لهم شرب يوم، وللناقة شرب يوم. وقرأ الجمهور : قسمة بكسر القاف ؛ ومعاذ عن أبي عمرو : بفتحها. ) كُلُّ شِرْبٍ مُّحْتَضَرٌ ( أي محضور لهم وللناقة. وتقدمت قصة الناقة مستوفاة، فأغنى عن إعادتها، وهنا محذوف، أي فكانوا على هذه الوتيرة من قسمة الماء، فملوا ذلك وعزموا على عقر الناقة.
القمر :( ٢٩ ) فنادوا صاحبهم فتعاطى.....
( فَنَادَوْاْ صَاحِبَهُمْ (، وهو قدار بن سالف، ( فَتَعَاطَى ( : هو مطاوع عاطى، وكأن هذه الفعلة تدافعها الناس وعاطاها بعضهم بعضاً، فتعاطاها قدار وتناول العقر بيده. ولما كانوا راضين، نسب ذلك إليهم في قوله :) فَعَقَرُواْ النَّاقَةَ (، وفي قوله :) فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا ).
القمر :( ٣١ ) إنا أرسلنا عليهم.....
والصيحة التي أرسلت عليهم.
يروي أن جبريل عليه السلام صاح في طرف منازلهم، فتفتتوا وهمدوا


الصفحة التالية
Icon